Okaz

حماية سجناء التحرش

-

أخـيـرا وافــق مجلس الــشــورى على قـانـون الـتـحـرش فـي نسخته املبدئية.. وإذا طال انتظارنا لخروج مثل هذا القانون إلى حيز الوجود إال أن مسودته التي نشرتها جريدة «عكاظ» يـوم أمس تدعو إلى التريث، فثمة مواد تحتاج إلى تفصيالت محددة وإال فإن مواد القانون ستدخل ثالثة أرباع البلد إلى السجون.. وهذا ليس إشـارة إلى كثافة التحرش وإن كان متواجدا فإنه لم يصل إلـى حد الظاهرة، والـقـول بدخول ثالثة أربــاع البلد إنما إشارة إلــى التباس بعض املـــواد وعــدم انجالئها، ومعلوم أن القانون هو جملة من املـواد أو الفقرات من يقترفها يكون مباشرة تحت العقوبة، فليس ثمة روح تستل من أفعال املتهم النوايا الحسنة أو السيئة.. بداية نحن كمجتمع لدينا أمية قانونية ولم نصل بعد إلى سن الرشد في هذا الجانب، ومواد قانون التحرش صارمة ولو طبقت مـبـاشـرة مــن غـيـر تثقيف وتـوعـيـة لـربـمـا وجــدنــا أنفسنا نمسك طوابير لدخول السجن وتسديد العقوبة املالية، خاصة أن ثمة مادة من مواد القانون تنص أن العقوبة سوف تطبق مهما كان الوضع حتى لو تنازل الشخص املتحرش به عن شـكـواه، إذ لن تسقط العقوبة لوجود حق عام. واملمارسات اليومية التي نحياها تؤكد أننا جهلة قانونيا، وال نلقي باال بالحقوق والواجبات التي لنا أو علينا، وهناك نماذج كثيرة في املمارسات املالية أو القضائية أو املـروريـة، نقع فيها يوميا بينما الجهة املنفذة للقانون تتباهى (أن القانون ال يحمي املغفلني). وألننا نجهل كثيرا من القوانني سوف يكون قانون التحرش هو املصيدة التي يقع فيها الكثيرون ألسباب كثيرة أهمها الجهل بما تنص عليها املواد وأي منها يعد تحرشا أو منها يعد فعال طبيعيا.. وقــد ألــف البعض على ممارسة كثير مـن األلـفـاظ كمسلك لفظي يمارس في العالقات اليومية.. كيف يمكن تقييم هذه املفردات، وأيضا هناك ألفاظ تودد هل ستدخل إلى نوع من أنواع التحرش إذا تلفظ بها أحد؟ اآلن ونحن نستقبل هــذه القانون بفرح يجب إجــالء مــواده قبل تنفيذه، ويستوجب األمـــر الـبـث والـتـوعـي­ـة اليومية لكي يتبني للناس الــفــروق­ــات واملــعــا­مــالت الـتـي يستوجب على املـــرء الحذر منها أو فعلها.. كما أن القانون فتح فمه إلى الشدق حتى أن القارئ له ال يعرف هل فتح الشدق تلك تعبر عن فرح أو تشف! األوروبيون -مثال- لم يصلوا إلى التطبيق التام لقانون التحرش إال بعد سنوات من التجريب ودراسة الواقع االجتماعي والتحذير املتالحق بأن هذا الفعل أو اللفظ أو اإلشارة يجرمه القانون، حتى إذا وصــلــت الــرســال­ــة للمجتمع وأخـــذ كــل فـــرد الـحـيـطـة فــي عدم اقتراف أي فعل من أفعال التحرش. وإلــى أن تـدخـل التعديالت على قـانـون الـتـحـرش، على الجهات املعنية الـبـث والـتـوعـي­ـة الحرفية لـهـذا الــقــانـ­ـون.. وإال فــإن األول سوف يرحب بالقادم إلى مصيدة التحرش. كل املقالة تتحدث عن التحرش اللفظي الذي سيقع فيه الكثيرون، أما التحرش البدني فاالله ال رد من يفعله ال دنيا وال آخرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia