WOŽUL²łô« ÂuB « WH K
عــنــد الــحــديــث عـــن الــصــيــام قلما يــتــطــرق الـــبـــاحـــثـــون إلـــــى تاريخ الــــصــــيــــام فــــــي اإلســـــــــــــالم. اعتقد أنـــــه دون املـــعـــرفـــة بـــتـــاريـــخ هذه الــفــريــضــة ال يــمــكــن فــهــم الصيام وفلسفته وحكمه ومقاصده فهمًا صحيحًا. ورغـم أن الصيام فـرض في العام الــثــانــي مـــن الــهــجــرة فـــي املدينة عـــلـــى الـــهـــيـــئـــة الــــحــــالــــيــــة، إال أن السير تنبئنا أن الصحابة كانوا يصومون في مكة في العهد املكي كــذلــك. روى أن جـعـفـر بــن أبي طـــالـــب عــنــدمــا هـــاجـــر إلى الحبشة قبل الهجرة إلى املــديــنــة بــســنــوات أراد أن يـعـرف بالنبي صلى الله عــلــيــه وســــلــــم للنجاشي فـــــــــقـــــــــال: (ويـــــــأمـــــــرنـــــــا بــــالــــصــــالة والـــــزكـــــاة والصيام). عـــــــــودًا عــــلــــى بــــــدء نـــقـــول: لــقــد فرض الـــــــــــصـــــــــــيـــــــــــام فـــــي مرحلتني، أوالهما فـي مكة والـثـانـيـة فـي املـديـنـة في العام الثاني من الهجرة. وما سنسلط الضوء عليه هنا هو الصوم املفروض في مكة، والذي يـــعـــكـــس رســــالــــة هــــــذه الفريضة ومقاصدها بجالء. روى الـبـخـاري ومسلم عـن سلمة بــــن األكــــــــوع رضـــــي الـــلـــه عـــنـــه أن املـسـلـمـني األوائـــــل فــي مـكـة كانوا ملزمني بالصيام أو دفـع الفدية، وقـــد اتــفــقــت آراء املــفــســريــن كابن عــبــاس وابـــن مـسـعـود ومــعــاذ بن جبل ومجاهد وطاووس ومقاتل وابن حيان على أن اﻵية رقم 184 مــن ســــورة الــبــقــرة تـــدل عــلــى ذلك حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكني). نعم! لقد أمر الشارع املسلمني في ذلك الوقت بالقيام بأحد األمرين إما الصيام وإما دفع الفدية؛ مما يعني أن الله لم يترك لهم خيارًا آخـر غير هذين الخيارين اللذين يؤديان إلى نتيجة واحدة. إما أن يعيشوا األلم الذي يشعر به الفقراء والــــجــــوعــــى مــــن خـــــالل الصيام، أو يـقـومـوا بـإطـعـام الـفـقـراء وسد جوعهم في الواقع. وعندما هاجر املـــســـلـــمـــون إلـــــى املـــديـــنـــة املنورة وتكفلت دولـــة الــرســول بخدمات الــتــكــافــل االجــتــمــاعــي، عندها فرض الصيام على هيئته التي هو عليها اﻵن. عــــنــــدمــــا أعـــــلـــــن النبي صــلــى الــلــه عـلـيـه وسلم دعـــــــوة الـــحـــق كــــــان أول مــــن اســـتـــجـــاب لندائه هـــم الــعــبــيــد واإلمـــــاء والــــفــــقــــراء والنساء واألطــــــــــــــــــفــــــــــــــــــال واألقـلـيـات التي كــــــانــــــت تقطن مــكــة؛ مــثــل بالل وسـمـيـة وعــمــار وزيـــد رضـــي الله عنهم من العبيد الفقراء السابقني إلــى اإلســـالم ولـعـب الـصـيـام دورا مهما في أمر التكافل بينهم. إن الصياح وإلــقــاء الخطب حول اإلسالم مع إغفال البعد اإلنساني لهذا الدين والذي يكون االقتصاد جـزءًا مهمًا منه عبث ال طائل من ورائه، وأهداف الصيام حيال ذلك سـاطـعـة نـاصـعـة.يـمـثـل االهتمام بـالـجـانـب االقــتــصــادي للمجتمع املـسـلـم مــحــورًا مـهـمـا مــن محاور الـدعـوة النبوية ويحتل رمضان مــوضــعــا مــركــزيــًا فــي صــلــب هذه املنظومة الفكرية املتكاملة. * ﻣﺤﺎﺿﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ )ﺇﺱ ﺇﻡ ﻳﻮ( ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎﺱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ