Okaz

ال جواد.. وال ظريف!

-

املـشـهـد اإليـــران­ـــي املـرتـبـك مــن الــداخــل والـــخـــ­ارج بـعـد انـسـحـاب الواليات املتحدة األمريكية من االتفاق النووي، دفع وزير خارجيتها جواد ظريف إلى التوجه نحو أوروبا، بحثًا عن زيادة االستثمارا­ت املوجهة إلى باده، ويبدو أنه ال يدرك أن املال األوروبي السائل في السوق اإليرانية بات مهددًا بالخطر، وأن كل نداءاته ستذهب سدى ولن تستطيع التقليل من تداعيات األزمــة التي تعيشها بــاده منذ قــرار الرئيس دونـالـد ترمب الـصـادر في الثامن من شهر مايو. ليست املشكلة في إيران ونظامها الذي يعيش حالة من الرعب بعد قرار االنسحاب األمريكي، لكن الخطوات التي اتخذتها بعض الـدول الغربية لتخفيف الصدمة على اإليرانين هي اللغز الحقيقي الذي حيرنا، ودعا صحيفة نيويورك تايمز أن تتساءل عن مصير الشركات األوروبية التى هرولت لاستثمار فى إيران، وتحركت بسرعة في عام 2015 بعد موافقة إيـــران على وقــف برنامجها لألسلحة الـنـوويـة مقابل إنــهــاء العقوبات االقتصادية. الخوف والقلق يحاصر الشركات األوروبــي­ــة التي استغلت اتفاق باراك أوباما مع اإليرانين قبل ثاثة أعوام بشكل نفعي وحققت بعض املكاسب املهمة، ومن الطبيعي أن يدفع ذلك قادة أوروبا إلى موقفهم الحالي، السيما أن شركات صناعة السيارات دايملر وبيجو وسيتروين عملت على مدار السنوات الثاث املاضية مع شركاء إيرانين، وأبرمت سيمنس األملانية صفقة لتسليم القاطرات، ودشنت فرنسا مجموعة مشروعات الستكشاف الغاز الطبيعي. املوقف األوروبـــ­ي املعقد ال يحتاج إلـى كثير من االجتهاد، فهم ببساطة يريدون حماية شركاتهم وإيجاد طرق إلبعادها عن العقوبات األمريكية، خصوصًا أن إيـــران فــي نظرهم دجــاجــة يمكن أن تبيض ذهــبــًا، فلديها احتياطيات نفطية كبيرة، وهي فرصة نادرة لشركاتهم ذات الطموحات الكبيرة. ويبدو أن وزير الخارجية اإليراني الذي يرى أن االتفاق النووي مع أمريكا يمر بمرحلة «املوت السريري» تصور أن دول أوروبا يمكن أن تعمل بمعزل عن الواليات املتحدة األمريكية، وتصور أن الشركات التي غرفت من النفط الفارسي على مدار السنوات الثاث املاضية ستواصل عملها بنفس اآللية بعد قرار االنسحاب األمريكي، ولو توهم ذلك فهو في نظري ليس جوادًا.. وال يمكن أن يكون ظريفًا! صحيح أن العديد من دول أوروبا كانت تتمنى استمرار االتفاق النووي بهدف مواصلة الحصول على املكاسب، لكن املوقف تغير تمامًا، ومثلما هـرولـت هــذه الـشـركـات فـي الـبـدايـة نحو إيـــران ســوف تـسـرع باالنسحاب فـي ظـل العقوبات األمريكية والـتـوابـ­ع الـصـادمـة لـقـرار االنـسـحـا­ب الذي قد يشعل حربًا شرسة داخــل إيــران نفسها، وربما يفقد هـذا البلد املثير للفتنة ميزاته كإحدى الدول املصدرة للطاقة. بعض األوروبين أنفسهم ال ينسون أن إيران مثلت في السنوات الثاث املاضية خيبة أمل للمستثمرين األوروبين باعتراف بعض الشركات، فى ظل البيروقراط­ية الضخمة التي تنتشر فيها وصراعات السلطة السياسية التي تحكمها، وإحجام البنوك األجنبية عن توفير التمويل، عاوة على توجهات النظام الذي يزرع الشر في املنطقة ويسعى إلثارة الفنت، ويترك عملية التنمية في الداخل من أجل اإلنفاق على الجماعات وامليليشيا­ت اإلرهابية التي تدين بالوالء له في الخارج. ستخيب محاوالت جواد ظريف ولن يلتفت األوربيون لنداءاته وتصريحاته املتفائلة عـن الرغبة فـي إقـامـة شـراكـات استثمارية كبيرة مع األوروبين، وستزيد العزلة على باده التي زرعت الشر، وجاء الوقت لتحصد الدمار والعقوبات.. وأيضًا الصدمات املتتالية!.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia