Okaz

ردع التحرش

-

وافــق مجلس الـــوزراء ومــن قبله مجلس الـشـورى على نظام مكافحة جريمة التحرش، ومع نشره بالجريدة الرسمية يدخل النظام الجديد حيز التنفيذ ليطبق على من تثبت إدانته بهذا الجرم وعقوبته املشددة (سنتان سجن و01 آالف ريال غرامة) ثم تغليظ العقوبة إلى 3 آالف ريال وبما ال يزيد على خمس سنوات سجن أو بإحدى هاتني العقوبتني. هكذا بات السياق االجتماعي أكثر حفظا لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية في الحياة الطبيعية من خال هذه العقوبة، وبما ستشرحه الـائـحـة التفسيرية املـنـتـظـ­رة، الـتـي تحسم حتما تفاصيل كثيرة ملن هم في عجلة من أمرهم بالتفسيرات غير الدقيقة ألساليب التحرش في الواقع من لفظ بــذيء أو صــورة مشينة أو إشــارة وقحة، أو مـا يـتـداول على شبكات الـتـواصـل االجتماعي مـن رســوم تعبيرية معتادة ومقبولة أو خارجة بذيئة. بداية نتذكر الحكمة القائلة (من أمن العقاب أسـاء األدب) وهـذا أصل الداء، ولزمن طويل ظلت هواجس ومخاوف التحرش معطلة ألي خطوة تكمل الحياة الطبيعية للمرأة وخصوصيتها في الشارع واألسواق، واليوم مع دخولها سوق العمل وقيادتها بنفسها للسيارة كان البد من صدور هذا النظام الحاكم للسلوك األخاقي والوقاية وحماية األفراد، وهنا تكمن أهمية الحق العام في صون الحق الخاص، خصوصا املرأة والطفل، ومن ثم يكون الردع الازم لتحقيق األمان االجتماعي. ومن قبيل التأكيد نتذكر أيضا قول الحكيم (ال خير في متعة يعقبها ندم)، وما أكثر املتع حتى الحال منها كالطعام والشراب تسبب ضررا إذا ما أسرف اإلنسان في طعامه وشرابه وكذلك ذوي األمراض املزمنة كالسكر وضـغـط الـــدم والــتــي ال تستقيم معها الصحة إذا مــا تهاون اإلنـسـان مع متع الطعام وشهوة البطن، فكيف بـنـزوات يراها من في قلوبهم مرض متعا، بإيذاء خلق الله بسلوكيات ال يرضاها ألهله. حفظ الــجــوار­ح عامة ومنها غـض البصر، أكــد عليها ديننا الحنيف لــصــون حــقــوق الـغـيـر وكــرامــت­ــه وفـيـهـا رضـــا الــلــه، وغــيــر ذلـــك تصبح التعديات معصية تسجل على املرء في موازين أعماله. قال تعالى: «ما يلفظ من قـول إال لديه رقيب عتيد»، وفـي عصرنا هـذا ومـع االنفتاح الثقافي واملعرفي ووسائله أصبحت املجتمعات أمام تحديات كبيرة ومتزايدة ملواجهة مثالب السلوكيات غير األخاقية. بطبيعة الـحـال نحن لسنا مجتمعا مائكيا وال وجــود لهذه الصفة بني البشر، لكن مجتمعنا ارتضى على مدى زمن طويل أعرافا حاكمة، صانت األخاق العامة ومن ثم كرامة الفرد، خاصة املرأة واألطفال، لكن تبدلت الدنيا الواسعة في هذا العصر حتى تشابكت الثقافات وتشوهت سلوكيات في عصر التواصل بالصوت والـصـورة عبر أجهزة سلبت العقول واألنــظــ­ار، حتى بـات الصغير يتعرض ملشاهدات ومعلومات وألـــفـــ­اظ ســيــئــة، فــأصــبــ­ح املــمــنـ­ـوع مــبــاحــ­ا بــوســائـ­ـل ســهــلــة بـــني يديه، واملحظور متاحا في العوالم الخاصة لألفراد، ومثل تلك الفوضى على اإلنترنت تشوهت قيم ومبادئ وأضعفت الرقابة الذاتية ودور التربية األسرية والرقابة املجتمعية. أخيرا مع تطبيق نظام مكافحة التحرش البد من حملة توعية واسعة ومناقشة صريحة وجـــادة وهــادفــة ليس فقط مـن وسـائـل اإلعـــام وال املنابر إنما أيضا من األسرة، والتوعية تفرض اإلملام بمضمون النظام الجديد ومقاصده، وليس مجرد التحذير من العقوبة للمتحرش أو للذين يكيدون كيدا بادعاء ات وباغات كاذبة، فاألساس في كل ذلك هو حماية املجتمع وأفراده من الجرائم املخلة بالشرف وباألخاق، وتعزيز منابع النقاء بتعظيم الحرمات وصونها وذلك من اإليمان، نسأل الله الهداية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia