Okaz

‪…b¼UA*«Ë ŸUL‬

-

يحتاج اإلنسان لحواسه حاجته للماء والهواء، وتحتاج الحواس الفن كـوسـيـلـة تـمـريـن عـلـى فـهـم الــحــيــ­اة والـتـفـاع­ـل مـعـهـا، ويـمـكـن أن يذهب الـسـمـاع بـالـنـاس بعيدًا عـن الـفـن، عبر خـطـاب ال يقبل أن يـسـوق للفن، وبعض الخطابات غير إنساني وغليظ ومتسلط إلى حد تشويه النفس بحرمانها مــن اإلحــســا­س بـالـجـمـا­ل، مــع أن اسـتـشـعـا­ر الجميل فطري، وعـفـوي، وتلقائي، وهــذه العفوية فـي استقبال الجمال تفسد باإلماء الـوصـائـي، علمًا بــأن الـفـن الحق يؤمن بالخطابات السلمية بحكم ما يـؤسـسـه داخـــل عـشـاقـه مــن صـفـاء وتـسـامـح وحــاجــة إلــى خـطـاب روحي يخفف عبء األيام. إحدى إشكاليات خطاب السماع املعاصر في تأسسه على قاعدة اكتساح مــا عـــداه مــن خــطــابــ­ات، وتــولــي شــأن املـجـتـمـ­عـات مــن ألـفـهـا إلــى يائها، لوثوقية الفاعلني بـأن خطابهم يضبط إيقاع الحياة، ما أوقــع بسطاء الــنــاس واملـحـبـن­ي لدينهم فــي فــخ إعـــاء مكانتهم، وتـجـاهـل هفواتهم، والبعد عن نقدهم، وعدم االلتفات إلى أي خطاب آخر مهما كان مصدره، واالقـتـنـ­اع بمناصبة الـفـن الـعـداء ألنـه يملك أدوات قــادرة على اكتساح املشهد وإحالة ما عداه إلى كواليس املشهد اليومي. بالطبع ليس الحديث عـن فــن هـابـط، وال عـن فـنـان مــهــرج، أو سمسار، وإنما نتحدث عن فنون راقية، لها تأثيرها العاطفي على وجدان الناس، كونها تعلقهم بالحياة، وتؤصل للحب، وتعزز في داخلهم فسحة الدين التي جاء بها الرسل ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أكد أن الله جميل يحب الجمال، وحضر مـع زوجـتـه كرنفال األحـبـاش في مسجده، واحتفى بالشعر والشعراء. من مخاطر خطاب التلقني أنـه يعتمد على تفعيل حاسة واحــدة فقط، وهي حاسة السمع وتعطيل بقية الحواس، فالخطاب الشفاهي يشتغل على األذن بالتكرار والتحفيظ وتعبئة الدماغ بالخيالي، وأداته الوحيدة غالبا الـصـوت وإن كـان ال يكفيه بـل يستعني بمكبرات، ويـحـرص على القرب حد االلتصاق، وخطورة األذن تتمثل في كونها حاسة ليل وظام، كما أنها مفتوحة ومعدة للتلقي والتسليم واإلذعان. مــن جـمـالـيـا­ت الــفــن أنـــه غـالـبـًا يعتمد عـلـى مـخـاطـبـة الــبــصــ­ر، ويعتمد العني باعتبارها حاسة مكان، ووسيلة التعرف على النهار والصباح والـضـوء، برغم أن الفنان يفعل جميع حـواسـك، دون تعطيل أي منها، فكأنه املايسترو وكأن الحواس فرقة موسيقية يخلق بمهارته التجانس والتناغم بينها، بل هو معني باالرتقاء بالذائقة التي تخدم صاحبها فـي تمييز األصـيـل مـن الدخيل، والتعرف على الحقيقي مـن املصطنع والزائف. ال ينبغي أن نضع الفن وبقية الخطابات موضع التنافس على مزاج الــشــعــ­ب بــل الــتــجــ­اور، مــع حــســن الــظــن، واحـــتـــ­رام اخــتــيــ­ارات املجتمع، واالحتكام للنظام.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia