ِلَم يقف القضاة للسالم امللكي؟

ملن تعملون؟ ومن أين هي رواتبكم؟ ومن الذي يفتح بيوتكم ويعلم أوالدكــم ويعالج مرضاكم ويحرسكم لتناموا وأنتم آمنني؟ أليس هو الوطن؟ من أنتم بيننا؟ وكيف تفكرون؟ وهل الوقوف للوطن شرك؟ أعرف أنه كذلك بفكر من أفتى لكم، ولكن أال تحكمون عقولكم وتستفتون قلوبكم… أم هي ثقافة أبت أن تنسلخ ممن يمارس البطوالت على حـسـاب الــوطــن... على حـسـاب أمننا وأمـانـنـا وفـكـر أجـيـال ستأتي تعتبركم (قدوة) تتعلم منها؟ أي رسالة هي هذه؟ وماذا تبطنون؟ خط أحمر هو الوطن… مــا لـنـا نــــراوغ حـــول املـشـكـلـة وال نـعـالـج الــســبــب! مــا لـنـا ال نغربل الفتاوى التي استند عليها من توسد األريكة وجلس؟ وإلـى متى نـجـامـلـهـم وال نـنـاقـشـهـم بــمــا يــبــطــنــون؟ هــل سـنـبـقـى نــحــوم حول الـحـقـيـقـة ونــتــبــع الـــوهـــم، ألـــم يــحــن الــوقــت الــــذي نــقــف فــيــه ونبدأ بتفكيك هــذه الـفـتـاوى والـــرد عليها؟ كيف يـكـون الــوقــوف للسام امللكي شركا… إذا زرت موقع الرئاسة العامة للبحوث واإلفتاء في اململكة العربية السعودية سنجد فتوى رقم 2132 باملوقع تحرم تحية العلم والنشيد الـوطـنـي: «ال يـجـوز للمسلم الـقـيـام إعظاما ألي علم وطني أو ســام وطـنـي، بـل هـو مـن الـبـدع املنكرة التي لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وال في عهد خلفائه الراشدين رضـي الله عنهم، وهـي منافية لكمال التوحيد الواجب وإخـاص التعظيم لله وحـده، وذريعة إلى الشرك، وفيها مشابهة للكفار وتقليد لهم في عاداتهم القبيحة ومجاراة لهم في غلوهم في رؤسائهم ومراسيمهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهتهم أو التشبه .»...مهب عــزف الـسـام الوطني ولــم يقف لـه القاضيان، عــزف الـسـام امللكي بحملة تفريج كربة الثانية التي تنظمها اللجنة الوطنية لرعاية السجناء وأسرهم واملفرج عنهم «تراحم» الجوف قبل خمسة أيام بمركز امللك عبدالله الثقافي بمدينة سكاكا، والتي انطلقت تحت عنوان «كملوها يا أهل الجوف» والتي دشنها وكيل اإلمارة وجاء الشيخان ليكملوها بطريقتهم… ما زال الخطاب اإلخواني واألصولي محافظًا على موقفه املعادي لكافة الطقوس واملمارسات ذات البعد الوطني والتي كانت أبرز صـورهـا الـوقـوف أثـنـاء تـرديـد «الـسـام الـوطـنـي»، انسجامًا مـع ما تؤمن به هذه الجماعات والحركات بفكرة «األمة» وعدم االعتراف بــحــدود الــــدول الـعـربـيـة واإلســامــيــة، أو كـمـا يـصـفـونـه بـ«حدود سـايـكـس بـيـكـو» والـتـعـبـئـة الـجـمـاهـيـريـة ضــدهــا بـاعـتـبـارهـا أحد مظاهر االستعمار «الصليبي»، ووفقًا لذلك التوظيف يصبح أداء السام الوطني من مظاهر الوالء لغير الله، وهو الرأي الذي لطاملا التزمت به أغلب األحزاب اإلسامية املسيسة باستثناء من حسمت أمرها بفكرة الوالء للوطن. فتوى ناصر الفهد، املنظر الفكري لـ «القاعدة»، كان نصها «وملا في أداء التحية العسكرية من مهانة للمسلم وخضوع وخنوع للبشر، مما قد يجعل الرجل التقي ينحني بالتحية العسكرية ملن هو أقل منه شأنًا من ناحية التدين حتى وإن علت مرتبته العسكرية وهذه املراتب إنما هي تقليد غربي يمحق الهوية اإلسامية ويستبدلها بالفكر الغربي. لهذا فإنه يحرم أداء هذه التحية على الصورة التي يمارسها العسكريون». وال ننسى بمحفل آخـر في بالقرن العوضني عندما وقـف الداعية عـائـض الـقـرنـي لـلـسـام الـوطـنـي املـلـكـي، مـؤلـف كـتـاب (ال تحزن)، والـــذي يعتبره األصــولــيــون (غـيـر منضبط ويـتـسـرع باملجاملة)، خافًا للداعية عوض القرني الذي جلس أمامه بنفس املحفل ولم يقف للسام امللكي! ليصبح األكثر جدية والتزامًا إيديولوجيًا حتى في أشد اللحظات حرجًا، عوض القرني الذي أصدر بحقه القضاء املــصــري حكمًا غيابيًا بالسجن 5 ســنــوات بتهمة غسيل األموال وتمويل جماعة اإلخوان املسلمني بمصر عام .2010 «سارعي للمجد والعلياء مجدي لخالق السماء». أتمنى أن يصدر قانون سعودي يجرم من ال يقف للسام امللكي من نساء ورجـال ويعرضهم لغرامة وسجن حتى ترسل الدولة رسالة واضــحــة بـخـطـورة مــا يفعلون إن كــانــوا غـافـلـني… ولــأســف فأنا أجـد الجلوس بني النساء أكثر في املحافل الرسمية ألن بعضهن سلمن عقولهن ملن يملي عليهن أين يقف الوطن، وأتمنى أن نواجه الحقيقة ونـعـود إلعـــادة قـــراءة النصوص الـتـي يستند عليها من توسد األريكة وجلس.