Okaz

ال تتركوه وحيدًا

-

ما زالـت مواقع التواصل االجتماعي تحتفظ بمقاطع االحتفاالت والبهجة التي غمرت بعض منسوبي هيئة األمر باملعروف والنهي عــن املـنـكـر وبـعـض املتضامنني معهم مــن خـارجـهـا وقــت مغادرة الشيخ الـدكـتـور عبداللطيف آل الشيخ مكتبه كرئيس لـهـا. كانت هناك مبالغة غير مألوفة في التعبير عن الـفـرح، فهناك من نحر بعيرا وهناك من خروا ساجدين شكرًا، ومن احتفلوا حول «تورتة»، بل إن بعض املقاهي استضافت زبائنها مجانا، فلماذا حدثت هذه الظاهرة الغريبة مع مغادرة الشيخ عبداللطيف دون غيره؟. بـبـسـاطـة، ألنـــه كـــان األشــجــع فــي مــواجــهـ­ـة الـحـزبـيـ­ني التنظيميني والغالة واملتهورين واملستهتري­ن بأنظمة الدولة واملعتدين على حريات وخصوصيات الناس دون مسوغ، ألنه حاول التضييق على السلطة املطلقة التي منحها بعض منسوبي الهيئة ألنفسهم خارج إطــار أنظمتها وضـوابـطـه­ـا، وألنــه جـاهـد مــن أجــل تحسني عالقة الهيئة باملجتمع بعد أن تـوتـرت نتيجة بعض املـمـارسـ­ات الفظة التي أدت الى مآٍس، ولذلك تعرض الشيخ عبداللطيف ألبشع أشكال األذى والتآمر حتى وصل األمر إلى محاولة تصفيته، كما ذكر هو في مقابالت صحفية وحوارات إعالمية بعد مغادرته وظيفته. اآلن يعود الشيخ عبداللطيف الى موقع أكبر وأهم وأكثر حساسية هو املسؤولية عن وزارة الشؤون اإلسالمية التي ال يقتصر نطاق عملها على الداخل فقط، بل الخارج أيضا، كما أنها تمثل املؤسسة الدينية الرسمية ومسؤولة عـن آالف األئـمـة والــدعــا­ة والنشاطات املختلفة، وليس بخاٍف على أحد االختراقات الكبيرة التي تحدث فـي هــذه الــــوزار­ة والـعـصـيـ­ان الــذي يـمـارسـه بعض منسوبيها في االلـتـزام بتعليماتها، وتعمد بعضهم اإلســاءة للمجتمع والدولة بخلق أزمــات تتناقلها وسـائـل اإلعــالم الخارجية وتعممها على املجتمع السعودي وتربطها بسياسة الدولة وتوجهاتها، وتحديدا خــوض كثير مــن املـنـابـر فــي قـضـايـا سياسية شـائـكـة، واالنحياز الـعـلـنـي لـفـصـائـل وتـنـظـيـم­ـات تــخــوض مــعــارك عـبـثـيـة، واستعداء املجتمع على بعض مجتمعات العالم التي ال مشاكل بيننا وبني دولها، وكثير غير ذلك مما هو في هذا اإلطار والسياق. ولذلك لن تخلو مهمة الـوزيـر الجديد من صعاب جمة نعرف أنه لـن يـتـردد فـي مواجهتها، لكنه يحتاج دعـمـا وتضامنا قـويـا من املجتمع، وبـال شـك دعما وحماية أقــوى مـن الـدولـة لـقـراراتـ­ه، إذ ال يصح أن نتركه وحيدًا في مواجهة من يجيدون التآمر والخديعة والدسائس كما حدث له سابقا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia