Okaz

بورصة ميالنو وبوصلة روما!

- أريج الجهني * areejalaja­hani@gmail.com * كاتبة سعودية

ومــا حـب الــديــار شغفن قلبي ولـكـن حب مـــن ســكــن الــــديــ­ــارا، هـــذا مـــا يــقــولــ­ه لسان حــال أكـثـر مـن 200 ألــف مـواطـن إيطالي يسكنون بريطانيا للعمل أو الــدراســ­ة ويـعـيـشـو­ن مع أســـر مـمـتـدة والــبــعـ­ـض بـشـكـل مــنــفــر­د، اإليــطــا­لــيــون من أكثر الشعوب حبا للحياة واملــرح واألنــاقـ­ـة، ورغــم قوة االقتصاد اإليطالي وارتفاع دخل األفــراد إال أن العديد منهم وبحكم املعرفة الشخصية يفضلون االستقرار في بريطانيا، وهذا الحلم يبدو أنـه سيصبح كابوسًا لـدى هــؤالء الشابات والشباب بعد تطبيق خروج بريطانيا في بداية .2019 باملقابل ينتظر عدد كبير من البريطانين­ي خـــروجـــ­هـــم مــــن االتــــحـ­ـــاد األوروبـــ­ــــــي حيث قــــال لـــي رجــــل إنــجــلــ­يــزي مــســن إنــــه سعيد بهذا الــخــروج، وإنــه يتوقع أن تحذو بقية الدول حذو دولته، وقال قد تكون أملانيا أو فرنسا وربـمـا إيـطـالـيـ­ا؟، وصـدقـت نبوءته فــفــي أقـــل مــن 8٤ ســاعــة ظــهــر هـــذا التوقع للسطح مع أزمة إيطاليا السياسية األخيرة واالنتخابا­ت الحكومية وتراجع بورصة ميالنو والتي هوى بسببها اليورو ألدنى مستوياته ألول مرة منذ ستة أشهر، إيطاليا التي تعد ثالث أقوى اقتصاد في منطقة الــيــورو تـتـراجـع اقـتـصـادي­ـا هــذا الــعــام بسبب املشاكل االنتخابية، مما جعل املجتمع األوروبي يعبر عن قلقه من تأثير ذلك خاصة مع ركود اليورو واحتمالية انهيار االقــتــص­ــاد اإليــطــا­لــي بـحـسـب رأي جــيــســو­ن بـيـتـي في مقالته التي حملت عنوان «األزمة اإليطالية ماذا يحدث وماذا يعني ذلك لليورو وخروج بريطانيا»، حيث حلل مـن خاللها أسـبـاب األزمــة وتداعياتها وتأثيرها على املنطقة، باملجمل الشارع األوروبــي اآلن يعيش جدلية انفراط العقد األوروبــي ومستقبل االتحاد بأجمله في حال انهيار العملة. لــعــل الــحــديـ­ـث بــــاألرق­ــــام والـــوقــ­ـائـــع غــيــر مــقــنــع للجيل األوروبـــ­ـــي املــعــاص­ــر، هــــؤالء الــذيــن نــشــأوا تــحــت ظالل الــعــومل­ــة وتــخــرجـ­ـوا مـــن أنــظــمــ­ة تـعـلـيـمـ­يـة براغماتية، تجعلهم يـضـيـقـون ذرعـــا بــهــذه املـــخـــ­اوف، الــعــديـ­ـد من الــشــبــ­اب األوروبـــ­ـيــــني والــبــري­ــطــانــي­ــني غــيــر راضــــني عن قرارات الخروج من االتحاد، بل يعيشون قلقًا ومخاوف من خسارة حرية التنقل والعودة لنقطة البداية. ولعل أبرز تلك املخاوف تتلخص في مخاوف اقتصادية ومـــخـــا­وف اجــتــمــ­اعــيــة ومـــخـــا­وف ثقافية، الــجــانـ­ـب االقــتــص­ــادي ال يـحـتـاج توضيحا فــالــكــ­ثــيــر ســيــخــس­ــرون وظــائــفـ­ـهــم فـــي حال تـعـديـل أنـظـمـة اإلقـــامـ­ــة والــهــجـ­ـرة، الجانب االجتماعي ستعاني األسر املتنوعة األعراق من هاجس الهوية واللغة بجانب التفاوت الحقيقي في التدين والقوانني املدنية، أما على الصعيد الثقافي الهلع من عودة شبح الـتـفـوق الـعـرقـي والــصــرا­عــات القديمة بعد االنـــفــ­ـصـــال، أوروبـــــ­ـا الــتــي عــاشــت عصرها الذهبي في الديمقراطي­ة واالنفتاح والتنوع مــقــبــل­ــة عـــلـــى ركـــــــو­د اقــــتـــ­ـصــــادي ومفترق طــرق، فهل ستكون بوصلة رومــا باالتجاه الصحيح؟ أم أنها ستضل الطريق وتسقط خرافة «كل الطرق تؤدي إلى روما»!. مـاذا يهمني كمواطن سعودي من كل ما سبق؟ سأكرر ثالثية املخاوف لكن بلباس ثالثية املستقبل السعودي تحت رمـزيـة «الـسـعـودي­ـة أوال»، اقتصاديا فــإن حماية االقتصاد السعودي مهمة كل مواطن ومواطنة بأن يكون يــدا عاملة لـرفـع اإلنــتــا­ج ومـحـاربـة الـفـسـاد، السعودية كمجتمع مـن خــالل هوية وطنية شامخة وجيل يعتز بدينه وقيمه لينافس بمهنيته وأفكاره، ثقافيا تعزيز الـتـنـوع ومـكـافـحـ­ة التمييز واملــزيــ­د مــن الــثــراء املعرفي تـــقـــود­ه الــجــامـ­ـعــات واملــنــظ­ــمــات بــأكــمــ­لــهــا، لــســت أبالغ لكن لعلنا سنسبق زماننا إن انطلقنا مـن حيث وقف اآلخرون وكنا على قناعة إلى أين نحن ذاهبون!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia