هل تدير األيام ظهرها القتصاد «العثمانيني»؟

االقتصاد هو لغة األرقـام التي ال تكذب وال تتجمل وال تحابي أحدا على حساب آخر، وال سبيل لخداعها أو استمالة جانبها أو تهديدها بـ«عصا السلطان» أو من ينوب عنه. «وكالثروة التي تأتي كالسلحفاة وتذهب كالغزال» بزغت التساؤالت، مــاذا حــدث لالقتصاد الـتـركـي فــي األســبــوع املــاضــي بعد انتعاشه؟، وكيف هوت الليرة؟، وملاذا بدأ املصرف املركزي التركي في رفع معدالت الفائدة، على عكس السياسة االقتصادية التي يدعو إليها الرئيس رجب أردوغــان باستمرار لخفض الفائدة ؟، وهل سيصعد التضخم إلــى أكـثـر مـمـا وصــل إلـيـه قبيل االنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة والتشريعية املقررة في 24 يونيو، التي يرتقب أن تعزز سلطات أردوغـــان؟ أم أن «امللفات الخارجية» التي أقحمت نفسها فيها تركيا تسببت في هذا الترنح املفاجئ ؟ أم ربما ستدير األيام ظهرها ألحفاد «آل عثمان»؟. األيــام القليلة املاضية شهدت إعــالن معهد اإلحـصـاء التركي ارتفاع أسـعـار االسـتـهـالك «التضخم» إلــى %12.15 فـي شهر مـايـو املاضي، مقارنة بـ 10.85 % في أبريل ،م2018 مع فقدان الليرة التركية 20 % من قيمتها في الـ09 يوما األخيرة؛ ما حدا باملصرف املركزي التركي رفـــع مــعــدالت الــفــائــدة الـرئـيـسـيـة نـهـايـة الـشـهـر املــاضــي، عـلـى عكس السياسة االقتصادية التي يدعو إليها أردوغـــان باستمرار لخفض مــعــدالت الـفـائـدة لتحفيز الـنـمـو، وهــو مــا يــؤكــده خــبــراء أنــه يقوض استقالل املصرف املركزي، في ظل ما يثيره املستثمرون من مخاوف عدم اتخاذ الحكومة التركية إجراءات كافية ملواجهة التضخم وسط إشــارات على تدهور االقتصاد. بنك «كــي. أن. بـي» ومقره أكبر املدن التركية (أسطنبول)، حـذر على لسان كبيرة االقتصاديني في البنك جوكس شيليك، من أن التضخم سيزداد أكثر، وأن املصرف املركزي لديه «دوافـــع كافية» لرفع مـعـدالت الـفـائـدة خــالل االجـتـمـاع املرتقب (الخميس) القادم. وتوقعت أن يرفع املصرف املركزي الفائدة بشكل متوسط مــحــذرة مــن أن عــدم رفــع مــعــدالت الـفـائـدة قــد يضر بالليرة املـضـطـربـة بـالـفـعـل. وإزاء تـلـك الــتــطــورات املـتـالحـقـة لــم تـجـد وكالة «موديز» للتصنيف االئتماني بدا من خفض تصنيف تركيا إلى «بي ايـه »2 في شهر مــارس املـاضـي، وإعالنها أنها تجري تقييما يمهد الحـتـمـال تخفيض جـديـد جـــراء عــدم الـيـقـني الـسـائـد بـشـأن مستقبل السياسة االقتصادية فـي تركيا. وأشـــارت للمخاوف السائدة حيال إدارة االقتصاد وتآكل ثقة املستثمرين. تــصــريــحــات املـــســـؤولـــني األتـــــــراك أنــفــســهــم حـــاولـــت تــهــدئــة مخاوف املستثمرين إزاء متانة االقـتـصـاد، فـي ظـل مـزيـد مـن الـضـغـوط على البنك املــركــزي لـرفـع مـعـدالت الــفــائــدة. فـحـاول نـائـب رئـيـس الوزراء التركي محمد شيمشك تهدئة املخاوف حيال ارتفاع معدالت التضخم، وعجز الحساب الجاري بالتعهد بتنسيق أكبر بني السياسات النقدية واملالية، واملساعدة في تراجع التضخم في النصف الثاني من العام الحالي.