رمضان في ذاكرة املسنات.. قصص بـ«أغلفة احللوى» من مسافات السنني
كعادة الجدات، تحفظ مسنات الـدار في عقولهن قصص املاضي الجميل مغلفة كالحلوى، في انتظار زائر تقدمن له ما تجود به الذاكرة بحكايات رمــضــانــيــة صـفـتـهـا تــجــربــة عــمــر تــركــت مــســافــات الــســنــني الــتــي قضينها عـالمـاتـهـا عـلـى وجــوهــهــن، إضــافــة إلــى مــا تبقى مــن ابـتـسـامـات اعتادت وجوههن طوال أعمارهن التي تجاوزت الـ 70 االرتسام عليها. قصص تجربة الـ08 عامًا التي ترويها الخالة مزنة، إحدى نزيالت السكن الـخـيـري فــي مـكـة املــكــرمــة، والــتــي تــقــول فــي حـديـثـهـا لـــ«عــكــاظ» إن تعدد العادات والطقوس في املجتمع السعودي لم يغير من لذة رمضان، الذي يسارع العديد من الناس فيه إلـى تبادل أصناف الطعام، بعد انتهائهم من االستعداد للشهر منذ أواخر شعبان، وتقول: «يبدأ االستعداد لرمضان من أواخر شهر شعبان في مكة وجدة واملدينة، بتوكيل مهمة لكل شخص، بتوزيع أطـبـاق الطعام على الـجـيـران، وجلب طلبات البيت اليومية من البقالة، إضافة إلى حضور حلقات تحفيظ القرآن. وتتفرغ النساء لتجهيز املنزل وإخــراج األوانــي واملفروشات الخاصة بشهر رمضان، كما تتفقدن مخزن املواد الغذائية لجلب ما يحتجن إليه من نواقص ال تتوفر لديهن، إضافة إلى طهي وجبتي الفطور السحور طيلة أيام شهر رمضان». وتشير الخالة مزنة إلـى أن الليالي الرمضانية سابقا لم تكن تخلو من تـبـادل الــزيــارات بـني نساء «الــحــارة» وإقـامـة الليالي الرمضانية، وزادت: «في كل بيت تتجمع النساء على املقسوم من الطعام والشراب بعد صالة الــتــراويــح، يتسلني بـاألنـاشـيـد واالبــتــهــاالت واأللــعــاب الشعبية (الكيرم، الدومنه، الزهر) لحني حلول وقت إعداد وجبة العشاء فتنطلق كل واحدة إلى منزلها لتناول وجبة خفيفة قبل السحور، وغالبا يتعشى األهالي مما تبقى من طعام اإلفطار». وتحتفظ ذاكرة الخالة جواهر ذات الـ٥7 عامًا بالكثير من التفاصيل التي عـاشـتـهـا فــي املــاضــي مــن بـسـطـات البليلة والــكــبــدة فــي الــحــارات واألزقة واألسـواق، وتقول: «أهل مكة على مدى األزمان يحرصون على أداء صالة التراويح في املسجد الحرام أو في املساجد املنتشرة في الحارات». وتفتقد الخالة جـواهـر مـن مالمح زمنها الجميل «املـسـحـراتـي» وطبلته وجـمـلـه الــتــي يـــرددهـــا، وتــقــول: «مـــن مـظـاهـر رمــضــان الـشـعـبـيـة املندثرة املسحراتي، الرجل الـذي يحمل طبلة يقرع عليها إيقاعه الخاص، مرددًا عـبـارة يـوقـظ بها النيام «اصـحـى يـا نـايـم ووحــد الــدايــم»، لتنبيه الناس لتناول السحور قبل أذان الفجر ألنهم كانوا ينامون مبكرين، ومنهم من يفوته السحور».