رسائل قصر الصفا
ليس جديدًا على قصر الصفا في مكة املكرمة أن يحاول بــصــدق وإخــــاص مــنــزه عــن األجــنــدات رأب الــصــدع بني األشقاء واألصدقاء في الدول العربية واإلسامية، وليس غــريــبــًا عـلـيـه أن يــبــادر فــي أيــــام فـضـيـلـة ولــيــال مباركة خـال شهر رمضان الكريم أن يحيط بالخافات وينزع فتيل االحتقانات ويهب إلــى تقديم الـعـون ملـن يحتاجه من إخوتنا في العروبة والـديـن، لكن املشكلة في بعض من لم يراعوا حرمة البيت العتيق وال صدق النوايا وال إخاص العمل السعودي الذي ال يرجو جزاء وال شكورًا ألنه ينطلق من استشعار الواجب ونخوة األخوة ومروءة التقدير لــأواصــر. ولكم حلف البعض مـن قصر الصفا أمام بيت الله لكنهم فجروا وخانوا وتنكروا، لكن اململكة ال تأبه لهؤالء ألنها تقوم بواجبها فحسب، وألنها تعرف أن هناك قــادة وشعوبًا وأوطـانـًا نبيلة تستحق املؤازرة كما هو الحال بالنسبة لأردن الشقيق. عـانـى األردن كـثـيـرًا مــن خـونـة القضية الفلسطينية بل خونة القضايا العربية بإجمالها من مرتزقة ونفايات أرصفة وشعاراتيني فارغني، تآمروا عليه كثيرًا وأرادوا إسقاطه كثيرًا، منذ زمـن بعيد إلـى بـدء تنفيذ ما يسمى بالربيع الـعـربـي، كــان األردن هـدفـًا إستراتيجيًا كنظام ملكي ودولة تحد دولة ملكية أخرى هي درة التاج التي يسعى املـتـآمـرون النـتـزاعـهـا، لكن األردن بحكمة دولته ووعـــي شعبه تــجــاوز املـرحـلـة الـحـرجـة وصـمــد واستمر كيانًا قويًا سياسيًا، لكنه تعب كثيرًا اقتصاديًا ألسباب غير خافية على أحد. وفــــي جـــانـــب آخـــــر، حـــــاول املـــرتـــزقـــة وعـــمـــاء األجندات األجـنـبـيـة ضــرب إسـفـني بــني اململكة الـعـربـيـة السعودية واململكة األردنـيـة الهاشمية بمحاولة توظيف تفاصيل تـأريـخـيـة مـاضـيـة عـنـد تـأسـيـس اململكة وانـتـهـاء الحكم الـهـاشـمـي لـلـحـجـاز، حــاولــوا ذلــك بـغـبـاء شــديــد ألنــهــم ال يعرفون تفاصيل التأريخ وال أخاق امللوك وال األواصر العميقة الــتــي تــربــط األســرتــني املـالـكـتـني فــي السعودية واألردن على أصعدة كثيرة. نــعــم لـــلـــدول والـــحـــكـــومـــات أخـــطـــاؤهـــا الـــتـــي تـــــؤدي إلى مـشـاكـل سياسية واقـتــصــاديـة، لـكـن فــي الـحـالـة األردنية ال يخلو األمــر مـن مــحــاوالت حثيثة، خـارجـيـة وداخلية مدعومة من الـخـارج، لتحويله إلـى دولـة فاشلة وتثوير الـشـارع األردنـــي ليتكرر ذات السيناريو فـي الــدول التي تـعـرضـت لـخـريـف ،2011 وألن وضــع األردن الجغرافي والــســيــاســي حــســاس جـــدًا فـــإن الـلـعـب بـــأوراقـــه الداخلية يثير شهية مخطط التمدد الفوضوي إلـى جــواره الذي اسـتـعـصـى عـلـى مـخـطـط الـــخـــراب، وعــنــدمــا قـــاوم األردن كـان ال بـد مـن إنهاكه اقتصاديًا والتجييش ضـده حتى مــن الـفـصـائـل الــتــي آواهــــا وأصــبــحــت تـتـاجـر بقضيتها مع عدوها الظاهري وعشيقها خلف الـجـدران، إسرائيل التي أصبحت أقرب إليها من حبل الوريد وتتشدق اآلن أن السعودية تحاول تمرير ما اخترعوا تسميته بصفقة الـــقـــرن الــتــي يــتــم الــضــغــط عــلــى األردن بـسـبـبـهـا. هؤالء يمارسون دعارة سياسية وأخاقية سوف تزكم رائحتها التأريخ ألمد طويل. دعوة امللك سلمان لأشقاء املخلصني لاجتماع في قصر الصفا من أجـل األردن هي في حد ذاتها موقف أخاقي نبيل وسـيـاسـي حـــازم، يتضمن رســائــل مهمة تلميحية وتصريحية بــأن هناك وعيًا بما يــراد لـه أن يحدث وأن املـمـلـكـة فــي غــايــة االنــتــبــاه لــهــذا األمـــــر. واملــســألــة ليست املليارات التي سـوف يتم دعـم األردن بها لتجاوز أزمته االقتصادية وإنما التصدي الحازم لاستهداف املمنهج الستقرار املنطقة.