Okaz

مجموعة الكبار: من 8 إلى 1+6

- *كاتب سعودي د. طالل صالح بنان talalbanna­n@icloud.com

اجــتــمــ­ع قـــــادة مــجــمــو­عــة الــــــدو­ل الصناعية الـــكـــب­ـــرى الــســبــ­ع )G7( (الـــــوال­يـــــات املتحدة األمـريـكـ­يـة، اململكة املـتـحـدة، فرنسا، أملانيا، إيطاليا، كندا واليابان)، في قمتهم الــ٤٤، يومي الجمعة والـسـبـت املـاضـيـن­ي فــي منتجع تشارليوفكس بمقاطعة كويبك الكندية، وسط خالفات بينية واسعة، قد تعصف باملجموعة، وباستقرار العالم وتهديد أمنه، كما أملح لذلك الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) عشية عقد القمة. تنبع أهمية هذه املجموعة في غنى وقوة ونفوذ أعضائها في العالم. الــدول السبع تشكل %12 من سكان العالم، إال أنها مجتمعة تشكل ما يقرب من %60 من اقتصاد العالم.. وأكثر من %80 من حركة التجارة العاملية.. وتمتلك %70 مــن الـتـرسـان­ـة الـعـسـكـر­يـة لـلـعـالـم، كـمـا تمتلك ثـــالث دول منها (الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا) ما يزيد على %80 من الترسانة النووية للعالم. مجموعة دولية تمتلك فــي يــدهــا مـجـتـمـعـ­ة نــاصــيــ­ة مـــــوارد الــعــالـ­ـم االقتصادية واالستراتي­جية والسياسية والعلمية.. وتتحكم في مصير استقرار العالم وأمنه. تلك قوة محتملة وافتراضية، وليست بالضرورة حقيقة واقعة، تتمتع بكفاءة وفاعلية عملية، تشكل تجمعًا دوليًا متجانسًا، تغيب في تصور مصالحهم الجماعية، خالفات عميقة، ليس فـي إدارة قضايا السياسة الدولية املعقدة واملــتــد­اخــلــة، فــحــســب... بــل أيــضــًا، كـثـيـرًا مــا تظهر بينهم خــالفــات منطق الـسـيـاسـ­ة فــي مجتمعاتهم، ومــن ثـــم في توجهات النخب الحاكمة في بلدانهم. في داخل مجتمع الــدول تلك نفسها هناك امتعاض شعبي عــارم، عــادة ما يظهر في مظاهرات صاخبة تعكر صفو اجتماعات قادة تلك الدول الدورية، التي لم تعد تنعقد في املدن الكبرى، مـنـذ قـمـة جــنــوة .)2007( أجــنــدة حــكــومــ­ات هـــذه الدول، رغــم اختالفهم بشأنها، فـي قضايا االقـتـصـا­د.. واملناخ.. والــبــيـ­ـئــة.. وحــقــوق اإلنــســا­ن، والـتـعـام­ـل مــع بــؤر الصراع الــدولــي­ــة، ال تـلـتـقـي -بـــالـــض­ـــرورة- مــع مــصــالــ­ح ورغبات وتـوجـهـات قـواعـدهـم االنـتـخـا­بـيـة املـحـلـيـ­ة... دعــك كونها تحظى بقبول09% من البشر، على ظهر البسيطة. أيـــضـــًا: هــنــاك خـــالفـــ­ات بـيـنـيـة فـــي قــضــايــ­ا إستراتيجية واقــتــصـ­ـاديــة وبـيـئـيـة وأخــالقــ­يــة حــســاســ­ة. خــالفــات حول مشكلة االحـتـبـا­س الــحــرار­ي، الــذي تهتم بها دول تعلق تعاونها فـي املجموعة بــإحــراز تـقـدم فيها. فرنسا، على سبيل املثال: تربط تعاونها في املجموعة بعودة التزام الـــواليـ­ــات املــتــحـ­ـدة بــاتــفــ­اقــيــة بـــاريـــ­س لـلـحـد مـــن مشكلة االحتباس الـحـراري، التي أقــرت في باريس: 12 ديسمبر 201٥ ووقعت في نيويورك: 22 أبريل 2016 وانسحبت منها إدارة الرئيس ترمب في: 1 يونيه .2017 هناك أيضًا: خـالف بني األعضاء الستة والـواليـا­ت املتحدة حـول قرار واشنطن االنسحاب مـن اتفاقية امللف الـنـووي اإليراني. كما أن هناك خالفا بني الواليات املتحدة وبقية األعضاء الستة، عدا إيطاليا بدرجة أقل، حول دعوة الرئيس ترمب بـعـودة العضوية الكاملة لروسيا فـي املجموعة، بينما يصر بقية األعـضـاء وخـاصـة أملانيا وبريطانيا على أن األسـبـاب التي قــادت إلــى إخــراج روسـيـا مـن املجموعة لم تـسـو بــعــد، فـمـوسـكـو مــازالــت تـحـتـل شـبـه جــزيــرة القرم. هذا باإلضافة إلى قضية محاولة االغتيال بالسم مارس املاضي الجاسوس الروسي (سيرغي سكريبال) وابنته، في بريطانيا. هذا باإلضافة إلى وجود مشكلة هيكلية في بناء املجموعة باستبعاد ثاني أكبر اقتصاديات العالم (الصني)، ألسباب أيــديــول­ــوجــيــة وســيــاسـ­ـيــة، ذات عـــالقـــ­ة بــطــبــي­ــعــة الحكم الـشـيـوعـ­ي فــي بــكــني.. ومـــا تـزعـمـه املـجـمـوع­ـة مــن مشكلة الديمقراطي­ة وحقوق اإلنسان هناك... واألهم النمو املطرد القتصاد الـصـني، الــذي يشكل أكبر تحد فلسفي وعملي للنظرية الرأسمالية، بشقيها السياسي واالقتصادي. هذا األمـر دعـا الصني واقتصاديات ناشئة قوية، مثل: الهند والبرازيل وروسـيـا وجنوب أفريقيا إلقامة تجمع أممي اقتصادي مواز، أطلق عليه البريكس .)2010( جاء البيان الختامي للقمة، الذي تحفظت عليه الواليات املتحدة، وخاصة في ما يخص أهـم قضيتني ناقشتهما الــقــمــ­ة، أال وهــمــا قــضــيــت­ــا: املـــنـــ­اخ والــتــعـ­ـرفــة الجمركية الجديدة التي فرضتها الـواليـات املتحدة على وارداتها من الــدول األعضاء، في محاولة من إدارة الرئيس ترمب لتقليص ميزانها التجاري مـع شركائها التجاريني في املجموعة، الذين يعتبرونها إجــراءات حمائية تتناقض مـع مبدأ الـتـجـارة الـحـرة والتكامل االقـتـصـا­دي بـني دول املجموعة. إمعانًا في رغبة الرئيس ترمب، االبتعاد عن املجموعة وإعــالن عـدم الرضا عن أدائـهـا وامتعاضه من استمرار العضوية فيها، وجه الرئيس ترمب وفده بعدم إقــــرار الــبــيــ­ان الــخــتــ­امــي واالمــتــ­نــاع عــن الــتــوقـ­ـيــع عليه!؟ وفــي التفاتة، ذات مـغـزى، غــادر الرئيس ترمب كندا إلى سـنـغـافـو­رة لـلـقـاء قـمـة مــع رئــيــس كــوريــا الـشـمـالـ­يـة (كيم جـونـغ أون)، لـتـفـادي حـضـور الجلسة الختامية للقمة.. وكان، قبل ذلك، قد حضر القمة، متأخرًا! يبدو أن الرئيس ترمب ماض في سياسة إدارته االنعزالية، وهذا ما ولد شعورًا لدى بعض زعماء املجموعة، بمواصلة مسيرة املجموعة، دون توقع تعاون الواليات املتحدة، رغم استمرار عضوية واشنطن فيها. من هنا ظهر مصطلح ،1+6 الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستون ترودو. مع استبعاد عودة روسيا للمجموعة.. واحتمال تقليص الواليات املتحدة مشاركتها فيها، رغم عضويتها، تبقى العضوية الحقيقية والفاعلة في املجموعة بني ست دول. ومــع خـــروج بريطانيا مــن االتــحــا­د األوروبـــ­ــي، تتضاءل فـــرص مــواصــلـ­ـة مــســيــر­ة املــجــمـ­ـوعــة بــالــوتـ­ـيــرة السابقة، لتحقق أهــداف قيامها.. وهــذا، بــدوره، يحيط بـظـالل من الشك حــول مستقبل مجموعات موسعة، مثل: مجموعة العشرين.. ومجموعات موازية، مثل مجموعة البريكس. إذا كـــان الــقــرن الــعــشــ­رون هــو قـــرن الــكــيــ­انــات اإلقليمية الكبرى، يبدو أن القرن الحالي سيشهد عودة قوية لنفوذ وسطوة وحضور الدولة القومية، على مسرح السياسة الدولية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia