Okaz

األذان في مالطا

-

«كـمـن يـــؤذن فــي مـالـطـا» مـثـل قـديـم يطلق عـلـى مــن يـتـحـدث أو ينصح أو يقترح وال يجد آذانــا صاغية لــه، وأصــل املثل يعود إلى عدة روايات، أقربها للواقع أن شيخا مغربيا جاء إلى مالطا وعندما حان وقت الصالة أخذ يؤذن ولم يعره أحد أي اهتمام، ثم أقام الصالة وحيدا فذهب املثل «كمن يؤذن في مالطا»، ورغم أن مالطا تضم اآلن أكثر من 50 ألف مسلم، ويعتبر اإلسالم الديانة الثانية بعد املسيحية في هـذه الدولة الصغيرة التي يقل عدد سكانها عن نصف مليون نسمة، رغـم ذلـك فـإن املثل ظل سائرا حتى اليوم، ألن منطق الحالة التي نعيشها كمجتمع يجعل منه حقيقة واقـعـة. وكدليل على ذلــك مـا تحمله صحفنا يوميا من أفكار ومقترحات وتشريح لبعض الحاالت واألحداث والوقائع، فالكتاب وخصوصا الـجـاديـن منهم يناقشون أحيانا قضايا تالمس حياة الناس، وينطلقون من كتاباتهم وتحليالتهم لها مـن معايشتهم لتلك القضايا، واحتكاكهم بفئات مـن املجتمع الذي يعيشون فيه، فيسمعون ويالحظون ويقرأون، ثم يطرحون ذلك في أعمدتهم ليس ملجرد الطرح وإنما ليكون هنالك صدى ملـــا يــتــنــا­ولــونــه مـــن أمــــور قـــد تـغـيـب عــلــى املـــســـ­ؤول فـيـهـتـم بها ويتابعها. إن الصحافة أو اإلعالم عموما هو صوت املجتمع الذي ينطلق مـنـه، ولـيـس مطلوبا مــن املــســؤو­ل مهما كـانـت درجــتــه أن يقرأ الصحف بكاملها، أو أن يشاهد البرامج التلفزيوني­ة كلها، أو أن يستمع لإلذاعات مجتمعة، أو أن يالحق كل شاردة وواردة وتافهة تتناولها وسائل التواصل االجتماعي، وليس مطلوبا أيضا أن يكون موجودا في كل تلك الوسائل والوسائط، لكن ال يجب أن يغيب عن املشهد كامال، وذلـك بتفعيل ودعـم وحداته املوجودة في كل مؤسسات الدولة، وهي «العالقات اإلعالمية» التي تكون أحيانا تحت إدارات العالقات العامة، تلك الوحدات التي عليها مهمة إحاطة املسؤول بما يدور في املجتمع الذي يخدمه، والذي يفترض أن يعمل من أجله، وبدون ذلك يظل املسؤول منعزال عن مجتمعه وبعيدا عن مالمسة قضاياه واحتياجاته. اإلعالم بكل وسائله يعتبر شريكا أساسيا في الحراك املجتمعي والـتـنـمـ­وي، وهــو عــن املجتمع وعــن املــســؤو­ل عـلـى حــد سواء، وبـــــدون هـــذه الــشــراك­ــة يــصــبــح اإلعـــــا­لم كــمــن يــــؤذن فـــي مالطا، ويصبح املسؤول كمن يغرد خارج السرب. أقـــول هــذا الــكــالم وأنـــا أتــابــع الـتـقـاري­ـر والتحقيقات الصحفية الجادة التي تنشرها صحفنا بن الوقت واآلخر، كما أقرأ لعدد مـن الكتاب الـذيـن يتناولون فـي كثير مـن األحـيـان موضوعات مهمة، لها مساس كبير بحياة الناس وهمومهم في كل مجاالت الحياة، وهي موضوعات أعتقد بأنها رافد قوي لعمل أي مسؤول يهمه اإلنـجـاز الــذي يلمسه من يعيش على تــراب الوطن في أي مكان يوجد فيه. أخيرا أتمنى أن تكون هناك شراكة قوية وفاعلة بن اإلعالم واملسؤول ملصلحة املجتمع بكل فئاته.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia