Okaz

حكاية لعبة!

- د. إبراهيم إسماعيل كتبي * ومضة شعاع

العالم بات يواجه مخاطر حقيقية من سوء استغالل التطور اإللكتروني الذي يغري األشرار بأساليب جديدة والخبث الهادم للعقول واألخالق واملضيع للوقت وألشياء جميلة في النفس البشرية حتى تغير مفهوم األمن للمجتمعات في العالم أو ما يعرف باألمن السيبراني. مـؤخـرا كثر الحديث عـن حــاالت انتحار ألطـفـال ومراهقني فـي العالم ولسنا ببعيد عـن ذلــك بما وقــع قبل أيــام، ومــا أثير مـن اتـهـام أللعاب إلكترونية بعينها، وفـي كـل األحــوال يكمن صمام األمــان بيد األسرة قبل إلـقـاء الـلـوم على األشـــرار، فــإذا مـا ضــاع هــذا املفتاح بترك الحبل على الغارب، فليس من بديل سوى مفاتيح الشر التي باتت بني أصابع الجميع، ثم نعيب على التطور، وكما قال اإلمام الشافعي.. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا نعم نعيش عصرا مختلفا عن سنوات وزمن ليس ببعيد الزلنا شهودا على صفاء اإلنـسـان والـوعـي الــذي كـان درســا يوميا في مدرسة اآلباء واألمـهـات واألجـــدا­د. وهـا هو التطور اإللكتروني اليوم نعمة عظيمة لكن من أساء استخدامه واستسلم إلدمانه وسلم عقوال بريئة ألبالسة العالم الخفي، فإنه يجلب الخطر واملخاطر ليس فقط في عقر داره إنما تعشعش فـي عقله وسلوكه الظاهر والـبـاطـن، وهــذا هـو الخطر على األسرة واملجتمع، لذلك نجد الدول من جانبها تتحرك ملواجهة مخاطر الجريمة وغسل األدمغة وهدم األخالق لتفسخ املجتمعات. تحصني األجــيــا­ل الناشئة واجــب الينبغي إهماله للحفاظ على قوة وتماسك وفاعلية املجتمع لبناء املستقبل واستمرار القيم، وبالتالي مسايرة التطور أمــر حتمي ومطلوب حتى تعيش األجـيـال الجديدة زمانها دون تغييب للوعي، والتقدم اإللكتروني لن يتوقف وسيحقق بـــإذن الـلـه فــوائــد للبشرية فــي الــزمــن املـنـظـور والـبـعـيـ­د، لـكـن ستزداد املخاطر، فإذا لم تتحفز التربية األسرية والتعليم ومؤسسات التوعية بمفاتيح السالمة ومغاليق الشر، فإن ثمن الجرائم اإللكتروني­ة سيكون فـادحـا على مـلـيـارات البشر فــي الـعـالـم مــن كــل األجــيــا­ل. والــيــوم قليل من يحدثك عن كتاب ذي قيمة أو من يبحث عن معارف مفيدة للعقل والصحة والنفس، إنما االنشغال بمشاهدات في العالم االفتراضي من فضائح وتشهير وسفاهات وتفاهات. خطبة الجمعة في الحرم املكي الشريف قبل أسبوعني، للشيخ الدكتور صالح بن حميد لم تكن ببعيدة عن هذه التحديات، حيث نبه فضيلته إلى أن مواقع التواصل االجتماعي مع كل فوائدها، كشفت وفضحت أدق التفاصيل في حياة األفــراد واألسـر في أفراحهم وأتراحهم وأسفارهم وتأمالتهم ومأكلهم ومشربهم، وكل تصرفاتهم ومتغيرات حياتهم. أيضا حذر فضيلته من أن التعلق الدائم بوسائل التواصل االجتماعي، تــرك تأثيرًا كبيرًا على الـعـالقـا­ت االجتماعية، وعلى الـتـواصـل املثمر مع األهــل واألقــارب وكـل من له صلة بالفرد حتى انقلبت إلـى تقاطع، فـأضـاعـت كثيرًا مــن األولــيــ­ات واملــهــم­ــات، كما أن التعامل مــع وسائل االتصال ورسائله ينبغي أن يكون أكثر وعيًا وحكمة، كما أن التعلق الدائم بهذه األجهزة أدى إلى إهمال ما ال يجب إهماله واإلســاءة إلى مشاعر من يجب احترام مشاعره. نحن بالفعل أمام انقالبات خطيرة في سياق الحياة واستحقاقات­ها على اإلنسان املستخلف في األرض بالعبادة وصالح األعمال فهل من مراجعة مع الذات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ال تزول قدما عبد يـوم القيامة حتى يسأل عن أربــع؛ عن عـمـره فيما أفناه وعن جسده فيما أباله وعن علمه ماذا عمل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه». * كاتب سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia