Okaz

كتاب «سفر».. اإلفك وحرب اخلليج الرابعة !

-

لم تكن حرب تحرير الكويت املعركة الوحيدة التي خاضها السعوديون العام ،1990 فقد كانت هناك حرب أخـرى ال تقل شراسة وضــراوة تـدور بني الدولة والـشـعـب مــن جـهـة والـحـركـي­ـني مــن جـهـة أخـــرى، الــذيــن انــحــازو­ا ضــد بادهم وحاولوا تنفيذ أجنداتهم واستغال األزمة ملصالحهم، انتهت حرب الخليج ولم ينته الصراع الثقافي مع الحركيني الساعني لهدم الكيان. كانت األمة السعودية قيادة وشعبا تعيش واحدة من أكثر األيام صعوبة، فدولة شقيقة هي الـكـويـت احتلت تـمـامـا، وعـلـى حــدودهــم الشمالية يقف مليون جـنـدي عــراقــي، ودول عربية محيطة خانت األخــوة وانـحـازت للمحتل، إضافة ملجتمع دولـي قد ال يـرى األزمــة كما تراها الرياض. أما الداخل فقد استغل الحركيون وأعضاء تنظيم اإلخـوان املسلمني «املحلي» األزمـة، البتزاز الدولة ولوي ذراعها وإشغالها، في محاولة إلسقاطها والحلول مكانها لو أمكن ذلك. أول جريمة فعلها الحركيون كانت التشكيك في قرار اململكة باستضافة قوات التحالف لتحرير الكويت ومساندة مجهودها العسكري، فأنزلوا القصص واملاحم على األحــداث وصوروها بغير حقيقتها لبث الرعب في األنفس، وطلبوا عبر أسامة بن الدن، الذي كان للتو قد عاد من أفغانستان، تشكيل «ميليشيات» من فلول األفغان لتحل بدال من الجيوش الرسمية والقيام بمهمة حماية السعودية، كما زعموا. بالطبع كان واضحا أن محاولة الحركيني إدخال 500 ألف مقاتل أفغاني وعربي ليس لهم والء إال لقيادتهم في جبال األفغان وجبل املقطم في مصر، هو للسيطرة على السعودية ليس أكثر، ومع ذلك تعامل «الحكام» في الرياض مع األمر من باب االجتهاد ورفضوا ذلك بلطف. لم يـرق ذلـك لتنظيم اإلخــوان الذين أشعلوا نيران الكراهية في كل اتـجـاه، فحسب تحليلهم «املــتــوا­ضــع» كــانــوا متأكدين مــن سـقـوط الــريــاض قريبا فــي أيـديـهـم وعـمـلـوا على 4 محاور لتسريع ذلك.. أوال.. قـام التنظيم العاملي باالنحياز لصدام وتأييده في احتاله للكويت ومفاوضته على إعطائهم الـحـكـم، كما شجعوه على احـتـال الـسـعـودي­ـة، شــارك فـي ذلــك كويتيون وعــرب من أعضاء اإلخوان بشهادة املرحوم الشيخ سعود الصباح سفير الكويت في واشنطن. ثانيا.. تأليب الجماهير العربية واإلسـامـي­ـة على اململكة ومحاولة إسقاطها شعبيا، جاء ذلك كإحدى نتائج مؤتمر حيدر آبـاد الـذي عقد بعد أسابيع من األزمــة، فخرجت املظاهرات في الهند وباكستان وماليزيا واألردن وفلسطني واليمن وباد املغرب العربي مطالبة صدام بإحراق اململكة. ثالثا.. بالتوازي عمل التنظيم الداخلي في اململكة على هدم الجبهة الداخلية وإحـداث شرخ بني الشارع السعودي وقيادته، فأصدروا الخطب واألشرطة والكتيبات للتشكيك في الدولة وتشويهها، في وقت ال يحتمل الخيانة وال التغرير بالناس. رابعا.. قام الحركيون بطرح برنامجهم السياسي املضاد للبيعة الشرعية، عبر ما اصطلح عليه بمذكرة النصيحة، والتي تاها إنشاء ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية بقيادة سعد الفقيه ومحمد املسعري. وكأن الزمن يعيد نفسه من جديد، وكأن مشايخ الحركيني ال يتعلمون من التجارب والتحوالت الهائلة في السياسة واملجتمع التي شهدها العالم واملنطقة واململكة، فمع صدور كتاب «اإلفك» املنسوب لسفر الحوالي قبل أيــام - وهــو منشور مفكك بـا هوية واضـحـة ال يزيد عـن كونه حـكـايـات وإشــاعــا­ت ومـاحـظـات - يـعـيـدون اجــتــرار املــاضــي كما هــو بــا تنقيح وال تجديد، يراوحون مكانهم ال يستطيعون مغادرة مغارات تورا بورا وال كهوف قندهار. الغريب أن ظروف كتاب «اإلفك» شبيهة جدا بما حدث في حرب الخليج الثانية، فنحن نعيش الـيـوم أزمــة مـع إيـــران قـد تـقـود لـحـرب خليجية رابــعــة، وهــا هـم الحركيون ال يفكرون إال في أنفسهم وال يقرأون الواقع بشكل صحيح ويعيشون في األمنيات ويخطئون التحالفات، بل إن مـا يسمى بنصائح «سـفـر» الثاثة التي جــاءت فـي آخــر كتابه هـي أقــرب مـا تكون ملذكرة النصيحة التي صدرت في تلك الفترة الحرجة من تاريخ الخليج. وبـمـراجـع­ـة سـريـعـة للكتاب ستظن أنــك تعيش فــي الـفـتـرة بــني 1981 ،2003و الـتـي شهدت صعود أدبيات الحركيني والتنظيمات املسلحة، التي حاولت إنشاء مجتمع موال لهم يبدأ من تعاليمهم ومن رؤيتهم للحياة والسياسة وال ينتهي إال عند أقدامهم، هدم املكانة املستحقة لكبار العلماء وإسقاطهم من وجدان الناس، وضرب سمعة رجال الدولة عند العامة واتهامهم بالعلمانية، ومناصبة اإلعام السعودي العداء املطلق واتهامه بتبرير سياسات الدولة ونشر التغريب في املجتمع ووصف العاملني فيه بالليبرالي­ني واملاحدة، كما لم تسلم منهم قوات األمن وباألخص رجال املباحث الذين وصفوهم بجند الطاغوت. الجديد فـي كتاب سفر هـو إضـافـة الجيش ملـشـروع التخوين، حـني وصفهم باملرتزقة الذين يسعون للكسب املـــادي، ويتخذهم الـكـبـراء للنهب غير املـحـسـوب، فــي الــوقــت الــذي يخوض الجيش أشرف معاركه ليس بالذود عن حياض اململكة فحسب، بل وعن األمة العربية بتحرير اليمن من االحتال الفارسي. كــان ذلــك ومــا زال مـشـروع الحركيني وخريطة عملهم الـتـي يتبنونها منذ 5 عـقـود ضـد كل مكونات الدولة السعودية إلفقادها بناء ها الذي تقوم عليه ليسهل بعد ذلك إسقاطها متى ما حانت لحظة السيولة التي يخططون لها ويظنونها جائزتهم الكبرى.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia