من املسؤول عن خسارة املنصب ؟
املـكـتـسـبـات هــي حــصــاد يـجـب الــحــفــاظ عـلـيـه، وإال اعتبرت الخسارة لتلك املكتسبات بمثابة خسارة وإهمال. تسعى السعودية وبشكل دؤوب أن يكون لــهــا الــحــضــور الـــواضـــح والــفــعــال واملـــؤثـــر الــــذي يـعـكـس ثقلها املتزايد على األصعدة السياسية واالقتصادية املختلفة، سواء أكان ذلك على املستوى اإلقليمي أو الدولي، وإذا كان هذا األمر والتوصيف صحيحا باألمس، فاليوم ومع طموحات السعودية العظيمة واملتعلقة برؤية 2030 فاألمر يأخذ أبعادا أهم وأكبر بكثير. كانت السعودية تسعى دومـا لوصول صوتها ورؤيتها ورأيها في املحافل الدولية واملنظمات العاملية واملجالس الكبرى، وكانت ألجل ذلك تسعى لدعم مرشحيها املؤهلني والحفاظ على تـلـك املـكـتـسـبـات، وســــواء أكـــان ذلــك بشكل مـبـاشـر أو عــن طريق مجالس متخصصة. الـيـوم على سبيل املـثـال تـدعـم السعودية مرشحها يوسف العثيمني كأمني عام ملنظمة التعاون اإلسامي؛ ألن هذا املنصب بات في الذهنية اإلسامية حاليا حقا مكتسبا لــلــســعــوديــة، ونــفــس الــشــيء بـالـنـسـبـة لــرئــيــس الــبــنــك اإلسامي للتنمية، وهي نفس املسألة التي تطبقها مصر في منصب أمانة جامعة الدول العربية. واليوم شيء غريب قد حدث بسبب مجهول فقدت السعودية منصب أمــني عــام الغرفة العربية البريطانية للتجارة والـتـي موقعها فـي العاصمة البريطانية لـنـدن، وهي املنظمة التي كانت األمانة العامة من نصيب السعودية لثاث دورات متتالية، ولـكـن شيئا غـريـبـا ومـريـبـا قــد حـصـل. مرشح مـريـب عليه ماحظات فـجـأة يحظى بـدعـم ال مـحـدود مـن دولة تكن العداء للسعودية و«فاز» بتصويت غير تقليدي. واقع األمر أن «الجهود» و«التواصل» مع الجهات املعنية في هذا املوضوع لم تكن جدية بالقدر الكافي، وإال من يستطيع تقديم تفسير جاد ومقنع عن سبب «فقدان» هذا املنصب، وخصوصا حينما نعلم أن أكثر من %50 من إجمالي التصديقات التي تقوم بها الغرفة العربية البريطانية (وهــي املصدر الرئيسي للتمويل والتدفق النقدي) تأتي من السعودية، وهــذه ورقــة ضغط مؤثرة للغاية وتعبر عمليا عـن ثقل السعودية ومكانتها الحقيقية وثقلها الـواضـح، ولكن كل ذلـك لم يستغل بشكل عملي «للحفاظ» على املكتسب الذي تحقق عبر السنوات املاضية. الــغــرفــة الـعـربـيـة الـبـريـطـانـيـة لـلـتـجـارة هــي مــوقــع رمـــزي ومهم للعرب مع إحدى الدول العظمى واملؤثرة حول العالم، وكان لها الحضور البارز واملؤثر في أكثر من محفل في مجاالت األعمال على الساحة البريطانية، وكل ذلك كان يحسب للسعودية. خـسـارة هــذا املـوقـع يجب أن ال يمر بـا حـسـاب وأن يفتح ملف مـا الــذي حصل وأن تكون إجـابـات شافية ومقنعة تتم التفرقة فيها بشكل قطعي بني املجامات والكسل والتعمد واإلهمال؛ ألن النتيجة في النهاية ليست مرضية.