Okaz

حيا الله «أبو الطب»!

-

قررت وزارة الصحة، حسب ما نشر قبل أيام، تمديد فترة خدمة األطباء االستشارين­ي العاملني في مستشفياتها العامة حتى بلوغهم سن السبعني من أعمارهم املديدة، شريطة أال يكون في التخصص املراد تمديد عمل االستشاري فيه تكدس أعمارهم قد يؤدي إلى تحول هذه الوظيفة الرفيعة إلى بطالة مقنعة ! ويبدو أن هذا الشرط لم يعجب بعض األطباء السيما غير املتميزين منهم، فأخذوا يتحدثون عـن وجــود نقص حــاد فـي عــدد االستشارين­ي فـي املستشفيات العامة، إضافة إلى وجود شواغر وظيفية في درجة «استشاري»، وكأنهم بذلك يطالبون الوزارة بالتجديد اآللي لكل من بلغ السن النظامية للتقاعد دون النظر ملدى حاجة العمل له سواء في موقعه أو في موقع طبي آخر! وأرى أن الـشـرط الــذي وضعته الـــوزارة هـو شــرط موضوعي وعملي؛ ألن النظام - أي نظام - ال ترتبط مــواده بالحاالت اآلنية فقط بل يأخذ في الحسبان البعد الزمني والتغيرات التي تصاحب حسب تطبيقه، فـإذا كان عدد االستشارين­ي من األطباء ال يوجد به فائض في الوقت الحالي فقد يحصل تكدس في تخصص من التخصصات بعد سنوات قليلة فهو إذن شرط ينفع وال يضر وال داعي للفلسفة حول وجوده ضمن نظام تمديد عمل االستشارين­ي حتى سن السبعني! أما املهم بل واألهم في هذه املسألة فهو أال يتم التمديد إال وفق األسس التالية: أوال: أن تــكــون الـحـاجـة ملحة الســتــمـ­ـرار الـطـبـيـب االســتــش­ــاري بـعـد بـلـوغـه السن النظامية للتقاعد، ألنه ال يوجد من يحل محله فعا ال ادعاء وقوال. ثانيًا: أن يكون قد حقق تميزًا في تخصصه وأصبح ذا سمعة طبية عالية ورفيعة بني مرضاه، فليس كل من حمل لقب استشاري في مجال الطب بارعًا بل إن هناك مـن يحمل اللقب والـلـه عليم بـحـالـه! وحـتـى بالنسبة ألســاتــذ­ة كليات الـطـب فإن النابهني منهم الذين تسعى الستقطابهم املستشفيات الخاصة عددهم قليل نسبة ملن ال يجدون من «يسلم عليهم!»، حتى أن بعض املستشفيات الخاصة تشترط على من يريد التعاون معها استئجار عيادة داخـل مبناها وتحمل جميع مصاريف العيادة ثم يكون لها نسبة من دخله، فـإن جــاءه زبائن شاركته وإن جلس يأكل «الفصفص» ولـم يغط الدخل املصاريف ألــزم بدفع ما عليه من التزامات مالية، فيجد نفسه مضطرًا إلغاق عيادته واالكتفاء براتبه وما يضاف إليه من بدالت. ثالثًا: إذا كــان بعض االستشارين­ي مـن األطـبـاء العاملني فـي املستشفيات العامة يرون أن عملهم الحر أو مع املستشفيات الخاصة سوف يجلب لهم املن والسلوى والكثير من الحلوى، فما الذي يمنعهم من أن يقدموا استقاالتهم والتفرغ لجني األمـوال الطائلة التي يدعون أنها تنتظرهم بعد تركهم لعملهم الحكومي، وملاذا ينتظر الواحد منهم حتى بلوغ السن النظامية ناهيك عن بلوغه السبعني؟ مع التأكيد على أن هناك العديد من األطباء املميزين تركوا العمل الحكومي وأنشأوا مستشفيات خـاصـة أو مجمع عــيــادات أو عــيــادة متخصصة فـوسـع الـلـه عليهم وجنوا مقابل ما تمتعوا به من حذاقة طبية، أما الذين يظنون في أنفسهم التميز فإنه ال يعجبهم العجب؛ ألن كل واحد منهم يظن أنه «أبو الطب»!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia