Okaz

قمة هلسنكي.. وكأس العالم

-

في العام 1975 التحق الرئيس فاديمير بوتني بجهاز االستخبارا­ت (الكي جي بـي)، وفـي العام نفسه عقدت قمة بني الرئيس األمريكي جـيـرالـد فـــورد واألمـــني الــعــام لـلـحـزب الـشـيـوعـ­ي السوفيتي الحاكم ليونيد بريجنيف في مدينة هلسنكي، عاصمة فنلندا، وكان التوتر حينها بني البلدين كبيرًا، خاصه حول الشرق األوسط والنفط. ولكنه يذكر بالطبع أنــه حـني تقاعد برتبة عقيد فـي ،1990 كانت هـلـسـنـكـ­ي ذاتـــهـــ­ا تـسـتـضـيـ­ف قــمــة جـــــورج بــــوش (األب) والرئيس ميخائيل غرباتشوف، والتي مثلت املسمار األخير في نعش االتحاد السوفيتي، والذي يسعى بوتني منذ توليه الرئاسة للمرة األولى في ،1999 ليجعل روسيا دولة قوية مهابة، مع إدراكه كما يقول إن عودة االتحاد السوفيتي وهم. اليوم اإلثنني يلتقي الرئيسان دونالد ترمب وفاديمير بوتني في «هـلـسـنـكـ­ي»، كـــأول لـقـاء رسـمـي بــني الـزعـيـمـ­ني، ولـعـل الـلـقـاء سيبدأ بتهنئة بوتني على نجاح استضافة كأس العالم، والذي كان مبهرا خاصة على املستوى األمني، ونجحت الدول األوروبية في الوصول إلى األدوار النهائية لكأس العالم، لكن وصولها إلى تفاهم مع ترمب حول عدة ملفات يبدو أصعب. يــأتــي تــرمــب إلـــى الــقــمــ­ة بــعــد زيـــــارة إلـــى لــنــدن حـفـلـت باملظاهرات املعترضة على زيارته، وقد كان له زيــارة ألغيت من قبل إلى لندن، وقـد كـان أتاها من بروكسل حيث طلب من دول الناتو أن تزيد من إسهامها املـالـي إلـى %4 مـن ناتجها املحلي، حيث تشهد العاقات األمريكية مع أوروبــا الحليف األقــوى واألكـثـر رسوخا حـول العالم لواشنطن، العديد من االضطرابات واالختافات في وجهات النظر. أمــا بوتني فيلتقي ترمب بعد أن التقى رئيس الـــوزراء اإلسرائيلي نتنياهو، بـالـتـزام­ـن مــع زيـــارة لعلي الريـجـانـ­ي إلــى مـوسـكـو، وفي الزيارتني معا مدلول للرسائل التي سيحملها بوتني، بما يتناسب مع مصلحة روسيا بالطبع، وبالعودة للتاريخ ففي العام 2005 قام بوتني بزيارة إسرائيل، كأول رئيس روسي يزور إسرائيل، وبالتالي فـالـعـاقـ­ات ليست ولــيــدة اللحظة، لكن اللحظة الـسـوريـة هــي التي رسخت العاقات اإلسرائيلي­ة الروسية. ملفات القمة الرئيسية هي سورية وأوكرانيا، أوكرانيا هو ملف يعني األوروبــي­ــني كـثـيـرا، ويخشى األوروبـــ­يـــون مــن أن يــبــارك تـرمـب بقاء روسيا في إقليم القرم وشـرق أوكرانيا، وإن كان الـروس في حقيقة األمـر يعلمون أنـه لن يخرجهم أحـد من هناك عسكريا، لكن املوجع حقيقة جراء تدخلهم في أوكرانيا هو العقوبات االقتصادية. امللف الـسـوري متشابك األطـــراف، في ظاهره هو األسهل للحل؛ ألن أمريكا وروسيا وإسرائيل وإيران وتركيا، مع تفاوت األهمية والتأثير لكل دولة، ال مانع لديهم من بقاء بشار األسد ولو لبعض الوقت، لكن السؤال كيف سيبقى، فإسرائيل ترى أن بقاء القوات اإليرانية بقواعد عسكرية هو خطر مرفوض، وبالتالي فهناك تفاهم روسي إسرائيلي عـلـى أن تــكــون األجــــوا­ء الــســوري­ــة دومـــا مـفـتـوحـة إلســرائــ­يــل لضرب امليليشيات اإليرانية والحرس الثوري في سورية أينما شاءت. لـكـن حـلـفـاء األســـد قـبـل غـيـرهـم يـشـكـكـون فــي قــدرتــه عـلـى الحفاظ على األراضــي السورية منفردا، كما أن سورية بالنسبة إليـران هي استثمار طويل، بذلت فيه الدم واملال، وتحملت من أجله الكثير من الضغوط السياسية، ومن الصعب أن تفرط فيه ال من أجل سورية وحدها، ولكن ألن سورية هي العمود الفقري، الذي إذا انكسر كسر معه حزب الله في لبنان، وقطع الخط الذي تمده طهران بني العراق ولبنان. وهناك جدل قائم حول مدى الثقة املوجودة بني الروس واإليرانين­ي، شكك البعض فـي وجـودهـا منذ تدخل روسـيـا عسكريا فـي سورية ،2015 وأكــــدوا عـلـى أن مـوسـكـو هــي الـحـلـيـف الـــذي ال يتخلى عن حلفائه، والشواهد عدة على أنه اتفاق مصالح واملصالح متشابكة مع أطراف أخرى على رأسها إسرائيل، التي توقف روسيا دفاعاتها الــجــويـ­ـة كـلـمـا قـــررت قـصـف مــخــازن األســلــح­ــة والــقــوا­عــد العسكرية اإليرانية في سورية، التي حاولت إيران التذاكي وبناء ها بالقرب من قواعد عسكرية روسية. القمة األمريكية الروسية ليست لقاء نفس طويل كلعبة الشطرنج، فـتـرمـب رجـــل املــواقــ­ف املــبــاش­ــرة والــســري­ــعــة، وبــوتــني رجـــل أجهدته سورية كثيرا، ولعل طريقة تدمير درعا تشير إلى أنه رجل يريد إنهاء املعركة بأسرع وقت، ضربات الجزاء في املونديال تجاوزتها روسيا مــرة وأخـفـقـت فــي تـجـاوزهـا مـــرة، كـذلـك هلسنكي بالنسبة للروس ليست دوما مضمونة النتائج.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia