هل تتسبب «احلفر» في مقاضاة أمانة جدة؟
«انتبه.. توجد حفرة أمامك»، عبارة البد أن يسمعها معظم قاطني مدينة جدة، وهم سائرون بسيارتهم أو عـلـى األقـــــدام عـلـى الــطــريــق ملــواجــهــة أي حفرة؛ تجنبا ألضرار جسدية أو مادية قد تقع لهم بسببها .! عدد من أصحاب املركبات عبروا عن استهجانهم لــ«عـكـاظ» مـن حفر الــشــوارع وبقائها على حالها، دون أن تتحرك أي جهة مـسـؤولـة لـردمـهـا حفاظا على سالمة العابرين. وأشاروا إلى استيائهم من هذه الحفر والهبوطات األرضــــيــــة، الـــتـــي طــغــت عــلــى الــــشــــوارع وأصبحت تــصــطــاد املــركــبــات وأصــحــابــهــا. وتـــســـاءلـــوا عمن يـتـحـمـل مــســؤولــيــة هـــذه الــحــفــر الــتــي تـنـخـر جسد جدة، وتدفع املركبات ضريبتها الباهظة، وإمكانية مقاضاة األمانة أو املقاول املنفذ جراء الضرر الذي لحق بمركباتهم؛ بسبب هذه الحفر، خصوصا أنها تظهر بعد سفلتة الطرق .!
فاتورة يومية إلصالح السيارات
عــبــدالــهــادي املــطــيــري «مـــواطـــن» يــقــول: «نــجــا ابن صــديــق لــي مــن حــــادث مـــــروري بــعــد تــصــادمــه مع مـركـبـة أخـــرى حـــاول صـاحـبـهـا الــهــروب مــن حفرة في طريق املطار القديم؛ ما جعله يدفع قرابة الـ 5 آالف ريال إلصالح السيارة بسبب حفرة في شارع لم تجد لها رقيبا؛ لذا أطالب أمانة جدة بضرورة إيجاد حلول لتغطية هذه الحفر التي يدفع ثمنها أصــحــاب املــركــبــات». ويــبــن عـبـدالـرحـمـن القايدي بـقـولـه: «خـصـصـت مبلغا مــن املـــال لـلـسـيـارة ألنها في كل يـوم تقريبا تقع ضحية إحــدى الحفر التي لم تجد أي اهتمام من قبل مسؤولي األمـانـة، وفي آخـر مـرة وقعت في إحــدى الحفر، ودفعت إثـر ذلك أكثر من 600 ريـال؛ نظرا ملا سببته هذه الحفر من عطل في سيارتي». وأفاد عبدالله هذال: «أصبحت اإلطـــــــــارات، وأغـــصـــان األشــــجــــار، والـــــخـــــردوات هي إشاراتنا اليومية، وعالمة إرشادنا من هذه الحفر، في الوقت الذي يجب أن تكون شوارعنا خالية من كل ما يعكس أي صورة سلبية عن وطننا».
قانونيان: األمانة جهة االختصاص
أكــد املـحـامـي القانوني خـالـد املـحـمـادي لـ«عكاظ» أن األمــانــة هــي مــن تـرسـي مـشـاريـع سفلتة الطرق، ثــــم يـــنـــفـــدهـــا املــــــقــــــاول، وبـــعـــدهـــا تــتــســلــم األمانة املــشــروع، ســواء مكتمال أو غير مكتمل، وبالتالي هي املسؤولة. وقــال: «يحق ألي صاحب أي مركبة تضررت بسبب الحفر في الطرق بعد سفلتتها أن يـقـاضـوا األمــانــة فـي املحكمة اإلداريــــة؛ ألنـهـا جهة االختصاص واملطالبة بقيمة الـضـرر». من جهته، أوضح املحامي واملستشار القانوني فهد محبوب لـــ«عــكــاظ» أنــه يـحـق لـكـل شـخـص أصـيـبـت مركبته بضرر بسبب وجــود حفرة في الـشـارع، ولـم توجد عالمة أو لوحة من املقاول املسؤول عن األعمال أن يرفع دعــوى تـقـاض، عبر االتـصـال بــاملــرور، وعمل كـــروكـــي لـــلـــحـــادث، ووضـــــع نــســبــة الــخــطــأ وتكون النسبة دائـمـا ،%100 ويتم تقدير التعويض على حـسـب الــضــرر، الـــذي أصـــاب املــركــبــة، وبـعـدهـا تتم مــراجــعــة قــســم مـكـتـب تـنـسـيـق املــشــاريــع باألمانة، التي تخاطب الشركة املسؤولة وتطالبها بتعويض املواطن حسب األوراق املقدمة. وأضـاف: «إذا كانت تــوجــد أعــمــال مــن قـبـل مــقــاول الــشــركــة، وعــالمــة أو لوحة تفيد بوجود أعمال مقاوالت في الشارع، فال يحق ملن أصابه الضرر الرجوع على الشركة؛ وذلك ألن العالمات املوجودة تفيد بأنه توجد أعمال ولم ينتبه السائق للوحات اإلرشادية، وبذلك فيكون هو املتسبب في الضرر».
مهندسان: املقاولون غير ملتزمني
حمل أحمد الشريف «أحد مهندسي شركة مقاوالت كبرى» مسؤولية انتشار الحفر في جدة على األمانة وشـركـة املــقــاوالت بنسبة أكـبـر. واتـهـم األمـانـة بعدم وجود دراسات ميدانية للشوارع قبل عمليات الحفر، وإيصال الخدمات من قبل املقاولن، الفتا إلى أن عددا كبيرا من املقاولن املنفذين للمشاريع مشاركون في تلك املشكلة. وأوضــح قائال: «عند إغــالق الحفر في الــشــوارع ال يلتزم املـقـاولـون باملواصفات املطلوبة، حتى يوفروا من تكلفة العمل، فشوارع جدة تحتاج إلى دراسة كافية خصوصا التي يمر منها شاحنات كبيرة بشكل مستمر؛ ألن وزن هـذه الشاحنات أكبر مــن قـــوة الـطـبـقـة األسـفـلـتـيـة وبــالــتــالــي ال تستطيع التحمل». وذكـر الشريف أن %90 من مشاريع إعادة سفلتة الشوارع بعد الحفر تكون بـدون «دمــك»؛ ألن مـديـنـة جــدة مـديـنـة ساحلية فـهـي ذات طـابـع أرض رخــويــة، ومعظم املـقـاولـن بعد االنـتـهـاء مـن سفلتة الــشــوارع تظهر فـي مشاريعهم هبوطات وتشققات ومع الوقت تتكسر الطبقة األسفلتية. ونـوه إلى أنه عندما يأتي وقت معالجة املشكلة يضع املقاول طبقة أسفلتية على مكان الحفرة فقط وهذا خطأ، إذ يجب الحفر بمقدار أكبر يصل إلـى نحو متر كامل حول الـحـفـرة فــي جميع االتــجــاهــات ثــم يـقـوم بـ«دمكها» جــيــدا، ومــن ثــم يغطيها بالطبقة األسـفـلـتـيـة. ونوه املهندس عبدالله العلي خبير طرق أنه يوجد نوعان من الحفر في شوارع جدة، األولى «حفر الخدمات»، وهــي حفريات ضـروريـة إليـصـال الـخـدمـات (صرف صحي، مياه، كهرباء، اتصاالت)، ويصرح لها نظاما مع اشتراط إعادة الشارع كما كان وفق االشتراطات الفنية، وفيها تطبق الئحة الـغـرامـات البلدية ضد الـــشـــركـــات املــخــالــفــة لــالشــتــراطــات الــفــنــيــة إلصالح الــشــارع. والـثـانـيـة «حـفـر وعــائــيــة»، وهــي تظهر في بعض الــشــوارع؛ بسبب تــكــرار الـطـفـوحـات الناتجة عن املياه والصرف الصحي، التي تـؤدي إلـى تشبع التربة باملياه وتلف طبقة األسفلت. وبن: «الشوارع تسفلت وفق املواصفات الفنية املعتمدة من الشؤون البلدية والقروية، وعدد الحفر بعد سقوط األمطار ال تسجل زيادة ملحوظة، كما يوجد تنسيق إلكتروني بــن الـشـركـات والـجـهـات مــن خــالل نـظـام الحفريات اإللكتروني التابع ألمانة جـدة، وال يصدر تصريح إال بعد انتهاء التنسيقات للحفاظ على الخدمات املـــــوجـــــودة والــــعــــائــــدة لــلــجــهــات األخــــــــرى، كــمــا أنه توجد مخالفات على الشركات غير امللتزمة بإعادة الشوارع بعد فتحها، إذ تتابع األمانة أعمال مقاولي الــحــفــريــات فــي املـــواقـــع، وتــطــبــق الئــحــة الغرامات، والــــجــــزاءات لــلــمــخــالــفــات الــبــلــديــة الــــصــــادرة بقرار مجلس الوزراء». ونـــوه إلــى أن مـشـاريـع الـبـنـيـة التحتية تتبع لعدة جهات مختلفة مسؤولة عن تقديم الخدمات «مياه، صــرف صــحــي، كــهــربــاء، اتــصــاالت وغــيــرهــا»، ولكل جهة ميزانية خاصة بها.