نحن وإيران.. على أعتاب حرب عاملية ثالثة !
قبل 8 سنوات تقريبا اتخذ الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما قرارا غريبا على اإلستراتيجية السياسية واألمنية واالقتصادية األمريكية املستمرة منذ 80 عاما والتي عنيت بتواجد أمني واقتصادي مكثف في منطقة الشرق األوسط، بل إن واشنطن اعتبرتها خاصرتها األكثر خطورة، قضت نظرية أوباما باالستدارة عن املنطقة باتجاه شرق آسيا معلنا انسحابا غير معلن. كانت خطة أوباما القادم من أوساط اليسار ويمني الليبرالية الجديدة تلتزم بإهمال املناطق األكثر إزعاجا للسياسة األمريكية وعلى رأسها املنطقة الشرق أوسطية وتركها لإليرانيني وتنظيم اإلخوان املسلمني، على أن يتم التعامل معهما فقط دون الخوض فـي تفاصيل مـع أكـثـر مـن 40 دولــة تمثل التركيبة الدينية والعرقية لــدول املنطقة املمتدة من أفغانستان شرقا إلـى الــدار البيضاء غربا، ومـن تركيا شماال إلـى القرن األفريقي ووسط أفريقيا جنوبا، والتخفف مما يسميه هو «اإلمبريالية» البيضاء. الـنـظـريـة األوبــامــيــة اخــتــرعــت أيــضــا مــا يـطـلـق عـلـيـه قـــوس الـبـاسـفـيـك لـيـكـون بديال اقتصاديا للخليج الـعـربـي، ويـبـدأ ذلــك الـقـوس الـوهـمـي مـن الـيـابـان مـــرورا بكوريا الجنوبية بـاتـجـاه فيتنام وتايلند وسـنـغـافـورة ثــم ماليزيا وإنـدونـيـسـيـا وانتهاء بأستراليا. تعمد أوباما إهمال املنطقة العربية، بل إن روايات املقربني منه أكدت على أن ذلك لم يكن «تخففا» فقط، بل حركته كراهيته الشديدة للعرب. لم يكتف أوباما بتلك الضغينة، بل وجد في اإليرانيني الوحش الذي سيشفي غليله منهم، ولذلك تعمد تعظيم الدور اإليراني والسماح لطهران بالتحول لقوة نووية تمتلك األدوات القادرة على احتالل املنطقة فعليا أو من خالل بسط نفوذها السياسي. اإليــرانــيــون انـدفـعـوا وراء تلك املـسـاحـات الـتـي منحت لهم مـن غير وجــه حــق، لكنه كان اندفاعا غير مسؤول، بل إن نظرية أوباما «الرومانسية» تحولت نتيجة الغباء اإليراني إلى فخ لم يعودوا قادرين على الخروج منه، فهم اليوم تحت القصف اليومي اإلسـرائـيـلـي فــي ســوريــة، وتـحـت طائلة تـذمـر الشعب الــعــراقــي، ونـفـوذهـم وأموالهم تستنزف فـي اليمن، كما أنـهـم يخرجون مرغمني مـن أفريقيا، كـل ذلــك يـأتـي كثمرة للجهود السعودية. سقطت النظرية األوبامية بدخول سيد البيت األبيض الجديد دونالد ترمب، الذي جاء وهو متيقن تماما من أن أمريكا التي تردى دورها بسبب سياسات أوباما املرتعشة لن تعود ملجدها إال بإعادة الدور اإلستراتيجي في الشرق األوسط وإعادة التحالفات التقليدية مع السعودية، وتحجيم اإلرهاب والدول الراعية له وعلى رأسها إيران، وهذا ما يحصل اآلن. األمير خالد بن سلمان سفير السعودية في واشنطن حذر قبل أسبوعني تقريبا، في مقال نشر له في صحيفة «الـشـرق األوســـط»، من أن العالم يعيش اليوم فترة تشهد ظروفًا تذكر بأحداث ثالثينات القرن املاضي التي سبقت الحرب العاملية الثانية. األمير خالد أضــاف، إن العالم يعيش تداعيات أزمــات اقتصادية، ويشهد انقسامًا سياسيًا حــادًا من اليمني املتطرف إلـى اليسار املتشدد، وتغيب فيه قــدرة مؤسسات املجتمع الدولي على العمل املشترك الفعال للتصدي لألزمات الدولية، وكما هو الحال في النصف األول من القرن العشرين، تسعى القوى التوسعية اليوم ملـلء الفراغ من خالل نشر أيديولوجيات الكراهية والعنف، وهو أمر يستوجب على املجتمع الدولي العمل بحزم ملواجهة هذه التحديات. ربما كان هذا التصريح هو أصدق قراءة ملا يحدث من إعادة تموضع وحراك سياسي وعسكري في هـذه املنطقة املتفجرة، قبل حصول «حـرب عاملية ثالثة»، إذا لم تذعن إيران وتعد نحو سردابها الذي أطلقها منه أوباما. إيــران تعتقد أنها قــادرة على املـراوغـة والـهـروب وتقديم الوجه الحضاري املوءود، رصـيـدهـا مــن اإلرهــــاب «كــفــؤ جــــدا»، وهــي تــرســل اإلشـــــارات لعلها تـجـد أوبــامــا آخر يلتقطها، بالتأكيد هي لم تقرأ العالم الجديد، فهل سيكون هذا آخر أخطاء «األكاسرة»، والرماح التي أطلقوها ستعود إليهم محملة بنهاية التاريخ.