Okaz

رسالة إلى صالح التركي

-

تم منذ أيام قليلة تعيني صالح التركي أمينا عاما ملحافظة جدة، وله كل التهاني والتبريكات وأصدق األمـانـي والــدعــا­ء الـصـادق لـه بالتوفيق والسداد. ومـن بـاب اإلفـصـاح والشفافية فأبو فيصل صديق شخصي لـكـاتـب هــذه الــســطــ­ور، وأعــتــز بــهــذه الــصــداق­ــة. ولــكــن كلماتي في هذه السطور موجهة إليه كمسؤول عن أمانة جدة بوابة الحرمني الشريفني وعاصمة البالد االقتصادية. صالح التركي ليس غريبا على «مشاكل» أمانة جـدة، فهو كـان من املعانني لفترة ليست بالقصيرة، فمن احتضان جدة له ووجوده فيها كـمـواطـن ورجـــل أعــمــال وتـحـولـه بــجــدارة إلــى أحــد وجهائها ورواد األعــمــا­ل فـيـهـا، وهــو لــه احـتـكـاكـ­ات مــع األمــانــ­ة بحكم األعمال واملعيشة، ولذلك لن تكون املشاكل غريبة عليه. ولكن ولعل األهـم هو ضــرورة إعــادة الثقة في مدينة جدة كواجهة جاذبة لالستثمار، وهذا لن يتأتى إال في حالة من بناء الثقة والشراكة اإلستراتيج­ية مع مجتمع األعمال واعتباره عضوا كامال في هذه املرحلة القادمة ومشاركة في الرؤى وااللتزاما­ت واألهداف؛ ألن ما حدث من إهمال وتخبط ورعونة في السابق (ليس فقط من األمانة ولكن من أجهزة مختلفة) ولدت النتائج التي تعاني منها جدة اليوم. واألمثلة على ذلك كثيرة جدا. إذا عوملت جدة كماركة وعالمة تجارية فإن Brand يعاني من الوهن وبحاجة لجرعة مكثفة من الجرعات املنشطة واألخبار اإليجابية. وجدة ارتبطت بسلسلة من األخبار السلبية التي ال وصف لها سوى اإلهمال اإلداري وتضارب املسؤوليات مثل مسلسل الـحـرائـق املستمر والـــذي ال ينتهي فــي منطقة جدة التاريخية، وهذه املنطقة التي ال تمتلكها جدة وحدها، ولكنها جزء من تاريخ ووجدان الوطن وكذلك باعتراف اليونسكو جزء من التراث العاملي، ولكن هذه الحرائق تستمر في القضاء على املباني التاريخية بدون حل يوقف هذا الخطر املتكرر وال عقاب للمتسبب في ذلك، فال تحقيق فتح، وال عقوبة صدرت. ونفس الشيء بالنسبة ملوضوع تصريف مياه األمطار الـذي ارتبط بشكل مــأســاوي بمدينة جــدة، كـل املــدن وسكانها يتشوقون لألمطار إال في جـدة فأهلها يصابون بالقلق والخوف وهم يـنـتـظـرو­ن سـقـوطـهـا، وهـــذه مـسـألـة لـيـسـت فـقـط غـيـر مقبول اســتــمــ­رارهــا ولـكـنـهـا مـعـيـبـة، وهـــي مشكلة لـيـسـت بالجديدة وليست مشكلة األمانة ولكن تتحمل مسؤوليتها األكبر وزارة املالية في حقبة الثمانينات امليالدية، ولكن هذا حديث آخر يطول وذو شجون. والحديث املستمر واملتواصل عن أهمية إنـشـاء مركز عاملي للمعارض واملـؤتـمـ­رات يليق بـجـدة، وهي التي كانت لها الريادة في هذه األمـور دومـا ولكنها تغيبت. العالقة بني املطورين العقاريني واألمـانـة يجب أن «تحسم»؛ إذ ال يمكن القبول بأحجام الـوقـت الــذي تحتاجه املعامالت املختلفة للحصول عـلـى الـتـراخـي­ـص الـرسـمـيـ­ة املـطـلـوب­ـة من أمانة جدة مقارنة بغيرها من املدن، حتما هناك خلل بحاجة إلصالح وبشكل فوري. زيادة حجم األتممة اآللية في املعامالت بحيث تتحول إلـى معامالت إلكترونية %100 وتقل عوامل التدخل البشري تماما وبالتالي يصبح باإلمكان محاصرة الفساد والفاسدين واملفسدين بشكل عملي وحقيقي. جـــدة لــهــا إرث اقــتــصــ­ادي وخــدمــي وتـــجـــا­ري ســاهــم وبشكل عملي في نهضة البالد، ولكن هذا اإلرث أصابه الوهن وغابت البسمة عن ثغر جـدة، واألمانة أحد أهم أدوات تحسني مناخ املعيشة واألعمال في أي مدينة، واإلصالحات البسيطة، ولكن املهمة املطلوبة ستكون لها نتائج ملموسة. أنت تعلم جيدا ما أقصده يا أبا فيصل فأنت عايشت كل ذلك كمواطن في جدة وكرجل أعمال وفي مجلس املنطقة وفي الدائرة االقتصادية واالجتماعي­ة وفي الغرفة التجارية. ال أقول لك شيئا ال تعرفه، ولكنك اآلن في موقع املسؤولية وتستطيع بـإذن الله صناعة الـفـرق. استمع جيدا كما كنت تقوله ويقوله لـك الناصحون األوفياء. وهذا يكفي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia