حلسن تدبيرهم.. السعوديون فعلوا العكس
الــســيــاســة هــي فــن املــمــكــن فــي الــزمــن الصعب وكــلــمــا كــــان تــوقــيــت الــســيــاســي جـــيـــدًا حظي بخيارات أوسع في املناورة واملحاورة، ولطاملا عـلـمـنـا الــتــاريــخ الــســيــاســي أن الــلــعــب عــلــى عــامــل «الزمن» واخــتــيــار الــتــوقــيــت الــجــيــد مــهــم فـــي الــســيــاســة قـــد ال يكون متاحًا أمام القائد السياسي الحذق سوى خيارات أقل ضررًا أو ســـوءًا ولكنه قــد يضطر فــي مفترق الــطــرق وفــي لحظات تاريخية إلى اتخاذ قـرارات صعبة قد تكون أقل شعبوية أو عكس مـا ينصح بـه الناصحون ســواء الـصـادقـون منهم أو املخادعون! ولكن الزمن يثبت صوابية هذا القرار ويجعل من الشخصيات التي اتخذتها في توقيتها املناسب شخصيات ال ينساها التاريخ. وفي املقابل قد تحظى بعض الـقـرارات بالتصفيق املعاصر في زمنها وبإلهاب املشاعر والعواطف لدى الشعوب، ولكنها قــد تـــؤدي بــالــدول واألمــــم إلــى أخــطــاء تـاريـخـيـة تتحكم في مصائر شعوبها وأوطانها وتضطر من أجلها إلى أن تدفع ثمنًا غاليًا من حياة شعوبها واستقرار وطنها وال تستطيع عندما تنزلق إلــى هـكـذا قــــرارات أن تـوقـف عجلة الــزمــن من اسـتـكـمـال دورتــــه الـتـاريـخـيـة الحتمية واألمــثــلــة مــن حولنا كثيرة في هذا اإلطار. الـــقـــادة الــســعــوديــون دائــمــًا هــم مــلــوك الــخــيــارات السياسية الـجـيـدة فــي الــزمــن الـصـعـب هــكــذا شــهــدت الــتــجــارب ورويت الحكايا والقصص وأفصحت النتائج والواقع أن السعودية تكسب دائمًا في النهاية رغم كل ما يثار حولها من فزاعات ومكائد ودعايات حاقدة. فعبر ما يقارب من 120 عامًا، ومنذ أن استعاد امللك املؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - عاصمة أجـــــداده «الـــريـــاض» عـــام 1319/1902 فــي ظـــرف تاريخي استثنائي شجاع ومــرورًا بأبنائه امللوك من بعده ووصوال إلــى عـهـد املـلـك سـلـمـان وسـمـو ولــي عـهـده األمــيــر محمد بن سلمان تمتعت «الرياض» برؤية نافذة عبر الزمن شكلت فيه سياستها وقـدرتـهـا على االحـتـفـاظ دائـمـًا بـخـيـارات واسعة وإعـــادة تموضعها السياسي مما مكنها مـن الـحـفـاظ على استقرار وطنها والحفاظ على املقدسات اإلسالمية فيها مع نماء وازدهار اقتصادها ومجتمعها من املواطنن واملقيمن على أرضها. السعوديون فعلوا العكس دائـمـًا وتمتعوا بنضج سياسي وبنسبة صـوابـيـة عـالـيـة لـقـراراتـهـم وقــــراءة نــافــذة للمشهد الــســيــاســي مـــن حــولــهــم بــكــل خـــيـــاراتـــه ورهـــانـــاتـــه حــتــى إذا انقشعت الغيوم وانجلى غبار السياسة وظهر وجه الحقيقة تجدهم في صف الناجحن دائمًا بل في مقدمتهم، مما أثار دائمًا حنق وغضب أصحاب الخيارات الفاشلة والرهانات الخاسرة ! وسأذكر بعض األمثلة على سبيل املثال ال الحصر عن كيف استطاع السعوديون أن يفعلوا عكس الحالة الراهنة والظرف الـــذي يعيشونه بـالـرغـم مــن كــل الـغـوغـاء الـتـي كـانـت تحيط بـدولـتـهـم وتـوسـعـهـم شتمًا صــبــاح مــســاء فــي وســط منطقة ملتهبة وبن جانبي أمة كأنها تعاهدت أال تفارق الرهانات الخاسرة والفرص الضائعة، ولذلك كانت السعودية الدولة العربية الـوحـيـدة الـتـي لـم تخضع لالستعمار واستطاعت عبور الحربن العامليتن األولى والثانية بسالم، بل خرجت مـنـهـمـا أقــــوى مــمــا كــانــت فـيـمـا كـــان مـعـظـم الـــــدول العربية املستعمرة وقفت مع دول املحور بقيادة هتلر وأملانيا فيما كان امللك عبدالعزيز أقرب للحلفاء الذين انتصروا فيما بعد. ومــا إن انـقـضـت الــحــرب الـعـاملـيـة الـثـانـيـة انـكـب الجميع في الشرق األوســط باتجاه الدولتن االستعماريتن بريطانيا وفرنسا وشركاتهما للتنقيب عن النفط فيما فعل السعوديون العكس والتقطوا مبكرًا وقبل غيرهم أن أمريكا قادمة كقوة سياسية عظمى جـديـدة ليست ذات نــوازع استعمارية مثل فـرنـسـا وبــريــطــانــيــا. وفـــي ســنــوات االســتــقــطــاب الــعــاملــي بن املـعـسـكـريـن الــشــرقــي بــقــيــادة االتــحــاد الـسـوفـيـتـي واملعسكر الـغـربـي بـقـيـادة الــواليــات املـتـحـدة األمـريـكـيـة ذهـبـت معظم الـدول العربية املركزية باتجاه االشتراكية السوفيتية فيما فعل السعوديون العكس تمامًا ووقفوا على النقيض من كل األفكار املبادئ االشتراكية والشيوعية التي أودت باقتصادها واقتصاد الدول التي تسير في فلكها إلى اإلفـالس، وقبل أن تنجلي تلك الحقائق لم ينخدع السعوديون بالفكرة القومية التي انطلقت من البعثية أو الناصرية وفعلوا العكس تمامًا واستمزجوا لهم نظامًا خاصًا حافظ على أصالتهم ومواقفهم العربية الثابتة قدموا فيه خدمات ال ينساها املنصفون في قضايا استقالل الــدول العربية من املستعمر الغربي أو في دعم اقتصاد الشعوب العربية. السعوديون ذاتهم لم يخدعهم الخميني ونظام املاللي عندما هللت له كثير من األنظمة العربية حتى ثبت لديهم سوء ة هذا النظام اإلرهابي وأنه شوكة في ظهر أمن واستقرار وسالمة الدولة العربية املركزية وها هم اآلن يفعلون العكس تمامًا ويقفون لوحدهم إال من الشرفاء بعد أن تبجح هـذا النظام وأصبح اآلمــر الناهي في عواصم كانت تدعي زمنًا طويال بالقومية والـبـعـث الـعـربـي فـــإذا بـهـا تفتح األبــــواب مشرعة للميليشيات اإليرانية الطائفية، ولن يمضي وقت طويل بإذن الله حتى يحكم السعوديون الحبال حـول رقبة هـذا النظام البائس إما ألن يتهاوى من الداخل ولألبد أو يتجرع كأس السم مرة أخرى ! الــســعــوديــون أيــضــًا فـعـلـوا عـكـس مــا يـتـوقـعـه صـــدام حسن عـنـدمـا غــزا الـكـويـت مخالفًا األعــــراف واالتــفــاقــيــات العربية والدولية، وهم أيضًا من فعلوا عكس املتوقع ووقفوا لوحدهم مع الشقيقة مصر وجيشها الوطني ضد االتحاد األوروبي وأمـريـكـا أوبــامــا فـي لحظة تاريخية فـارقـة كــادت أن تنزلق فيها الدولة العربية الكبرى في براثن الفوضى التي أرادها لها تنظيم اإلخوان املسلمن اإلرهابي، وهم حاليًا من فعلوا العكس تمامًا عندما صمت الجميع عربيًا ودوليًا على تسلل ميليشيات مندوبي إيران الحوثين إلى اليمن لينقلبوا على الـدولـة املركزية في اليمن وينخدع بهم من انخدع ! فيقود ويؤسس امللك سلمان وولــي عهده األمير الهمام محمد بن سلمان تحالفًا عربيًا معلنًا بدء عاصفة حزم عربية ضد كل ميليشيا حزبية تـحـاول أن تهدد أمــن واسـتـقـرار السعودية وتـــأخـــذ دور الـــدولـــة الــعــربــيــة فـــي الــيــمــن وغــيــرهــا ملصالح ميليشيات طائفية وأحزاب إرهابية.