مونديال األهداف القاتلة.. ضعف في الذهنية واملنظومة الدفاعية
29 هــدفــا قــاتــال سجلت فــي مــونــديــال روســيــا 2018 في الدقائق التي تلي الدقيقة )85( من عمر املباراة، كأعلى رقم يسجل فيه أهداف في الدقائق األخيرة على مستوى كؤوس العالم. ولم تكن هذه األهداف التي سجلت في الدقائق األخــيــرة هـامـشـيـة بــل كـــان أكــثــر مــن ثلثيها مـؤثـرا بنتيجة املــبــاراة، إذ سجل 17 هدفا أثـــرت فــي نتيجة املــبــاراة، بينما لــم يؤثر 12 هــدفــا أحـــــرزت فـــي الــدقــائــق األخيرة باملحصلة النهائية للقاء. ويـبـدو أن قلة التركيز كـانـت سمة بارزة فـــي أهــــــداف الـــدقـــائـــق األخــــيــــرة، إذ سجل 23 هدفا في الدقائق التي تلي التسعني، بــيــنــمــا بــلــغــت األهـــــــداف الـــتـــي ســجــلــت في الفترة الزمنية مابني 85 إلى 89 ستة أهداف فقط . وتركزت األهداف القاتلة في دوري املجموعات، إذ شهدت تسجيل 25 هدفا، منها 20 هدفا فوق التسعني، وخمسة دونـهـا، فيما انحصر تأثير هذه األهداف بنتيجة املباراة بـ 15 هدفا، مقابل 10 أهداف لم تؤثر على النتيجة النهائية. وشهد دور ثمن النهائي 4 أهداف في األوقات القاتلة، إثــنــان مـنـهـا لــم تـكـن مــؤثــرة، ومـثـلـهـا أثـــرت بنتيجة املباراة كان أشهرها هدف بلجيكا الثالث في مباراة الـيـابـان الــذي أهــداهــا الـتـأهـل لــدور 8، فيما لــم ينقذ هـدف كوملبيا باملرمى اإلنجليزي املنتخب الالتيني من الـخـروج رغـم أنـه ساهم بتمديد املـبـاراة لألوقات اإلضـــافـــيـــة لـــيـــغـــادروا الــبــطــولــة مـــن بـــوابـــة ضربات الجزاء. وغــابــت األهــــداف الـقـاتـلـة عــن املــبــاريــات املتبقية في املونديال في أدوار الثمانية واألربعة والنهائي. واسـتـوقـفـت ظــاهــرة األهــــداف الـقـاتـلـة فــي املونديال الــروســي األخـيـر مـدربـي الـعـالـم وخــبــراء الــكــرة، حيث قـال مــدرب مرسيليا الفرنسي رودي غارسيا لوكالة فرانس برس قائال: "أولئك الذين كانوا ضحايا أهداف الدقائق األخيرة يميلون إلـى التراجع كثيرا للخلف ومحاولة الدفاع عن نتيجة"، مشيرا على سبيل املثال إلى «املنتخب السويدي الذي لعب بتفوق عددي (ضد أملانيا بعد طرد جيروم بواتنغ) لكنه تكبد ركلة حرة عند مشارف منطقته (جـــاء عـلـى إثرها هــــــــــدف كـــــــــــــــروس) مـــــــع أنـــــه كــان قـــادرا على الضغط بـــ11 العـبـا مقابل 10 ومــحــاصــرة األملــــان فــي مـنـطـقـتـهـم، وحــرمــانــهــم على األخص من الحصول على الكرة». وانـــدهـــش املــــدرب املــســاعــد الــســابــق ملـنـتـخـب اليابان الفرنسي جاكي بونيفاي الــذي خــرج منتخب بالده بهدف قاتل من املنتخب البلجيكي من تكرار سيناريو أهــداف الثواني األخــيــرة، وهــذا األمــر «يـحـدث عندما يقدم أحـد الفريقني كل شـيء ألن ليس لديه أي خيار آخر». ويــفــســر الـــالعـــب الـــدولـــي املــعــتــزل إبـــراهـــيـــم السويد الظاهرة بقوله: "في الغالب األهداف القاتلة تسجل في مرمي الفريق الـذي يستخدم أسلوب اللعب الدفاعي واللعب على الهجمات املرتدة". وأضاف: "دائمًا الفريق الذي يلعب بأسلوب استحواذ
أكثر طيلة املــــــــــــبــــــــــــاراة ويـــــواجـــــه فريقا دفاعيا قويا في الغالب مــا يـنـهـار فــي آخــر الــدقــائــق بسبب املجهود البدني العالي في الجري خلف الكرة وإقفال املناطق واملساحات". الفتا إلى أن من يقوم بهذا الدور املنتخبات الصغيرة قليلة الــخــبــرة، لـذلـك عـــادة مــا يـنـهـار فــي آخــر دقائق املباراة إال في بعض الحاالت. وأشار إلى أن الفرق الكبيرة التي يسجل فيها أهداف قاتلة عــادة مـا تـكـون هـي املسيطرة فـي أغـلـب فترات املــبــاراة لــذلــك يخلق مـسـاحـات فــي الــدفــاع يستغلها الــفــريــق املــنــافــس بـالـسـرعـة الـهـجـومـيـة أو باملرتدات السريعة. وحــول الـحـلـول املقترحة، أشــار الـسـويـد إلــى ضرورة وجــود البديل الجاهز فـي الـدكـة ليقوم بنفس الدور الــــذي يــقــوم بـــه الـــالعـــب األســـاســـي لــتــجــديــد النشاط البدني في الفريق، مع وجود العبني مدافعني يملكون سـرعـة فـي مــجــاراة الـهـجـوم الـسـريـع، أو الــتــوازن مما يقلل من خطر الفريق املنافس الذي يتقدم ويستحوذ ويــتــرك مـسـاحـات يستغلها الـخـصـم بسبب املبالغة الهجومية. ويعيد املدرب الوطني سمير هالل سبب كثرة األهداف القاتلة التي شهدها مونديال روسيا لعوامل نفسية، مـــع حــــرص وخـــــوف زائــــديــــن يــــؤثــــران عــلــى تركيز الـفـريـق فــي الـدقـائـق األخــيــرة، الفـتـا إلــى أن أغلب األهـــداف القاتلة سجلت على منتخبات عربية أو أفريقية أو التينية، فيما كانت النسبة أقل عند األوروبيني بسبب ثقافتهم التي تقوم على احـتـرام الـوقـت وهــو جــزء مهم مـن مفهوم كرة القدم. ويعلل املدرب الوطني بندر األحمدي ما حدث فــي املــونــديــال لـضـعـف الـلـيـاقـة الـذهـنـيـة عند الالعبني العرب في نهاية املباراة وعدم القدرة على التركيز طوال 90 دقيقة. وأوضـح األحمدي أن االنضباط التكتيكي طوال وقـــت املـــبـــاراة يـحـتـاج لــتــدريــبــات ذهـنـيـة وهـــي في الغالب متقدمة في الدول األوروبية وشبه مهملة في باقي دول العالم, وال يغفل املدرب الوطني نقطة وجود بـعـض الـالعـبـني املـحـتـرفـني فــي الــدوريــات األوروبية املـتـعـوديـن على الـضـغـوط والـتـركـيـز الذهنبي طوال املباراة، لكن هذا األمر وفق األحمدي يحتاج ملنظومة الالعبني كاملة وليس بعض الالعبني.