قليل من كثير عن صحة احلجيج

سنمضي اليوم في الحديث عن الحج؛ ألنه موضوع كبير وخصب وخــاص؛ وألن هناك جوانب كثيرة تتوجب تسليط الضوء عليها وإبرازها للعالم، بل إن هناك بعض املواطنني ال يحيطون باملعلومات الدقيقة حول بعض الخدمات املقدمة للحجيج وتعقيداتها وكيف حولتها اململكة إلى منجزات ضخمة ومتطورة يضاف لها الجديد كل عام. من واقع تجربة سوف أشير إلى جانب واحد كان لي شرف املشاركة فـيـه خـــال أعــــوام سـابـقـة وهـــو الــخــدمــات الـصـحـيـة فــي الــحــج، هذا الجانب يصعب تصور أمرين فيه حتى لبعض املمارسني الصحيني إذا لم يعيشوا التجربة عمليا، الصعوبة البالغة في ضمان حج خال من األوبئة وتجاوز هـذه الصعوبة بتميز. إن ضمان بيئة صحية جيدة لعدد يقارب أحيانا ثاثة مايني شخص منذ وصولهم إلى مغادرتهم ليس مهمة عادية، إضافة إلى ذلك فإن توفير مستشفيات ومـراكـز صحية بأعلى التجهيزات في املشاعر املقدسة لتقديم كل مستويات العناية الصحية وتعمل خال موسم الحج فقط لهو أمر ال يحدث فـي أي مكان آخــر فـي العالم لتكلفته الباهظة وصعوبة ضمان استمرارية هذه املرافق بحالة جيدة بقية الوقت الذي ال تعمل فيه. في الفترات التي شاركت فيها كان عدد الكوادر الصحية العاملة في الحج بمختلف فئاتها يصل إلى ٢١ ألف شخص، وحتما فإن العدد أكبر بكثير اآلن. وقد كان وما زال االستعداد لكل موسم حج يبدأ فور انتهاء املوسم السابق وطوال العام. هل يتخيل أحد إجراء عمليات قلب مفتوح وقسطرة وجراحات كبرى في املخ مجانا للحجاج، وكل عملية مـن هــذه تكلف مبلغا ضخما، وهــل يتصور أحــد أن بعض الحجاج يؤجلون عاجهم املكلف في بلدانهم ألمراضهم الخطيرة كي يأتوا للحج ويتمتعوا بالعاج املجاني. مثل هــذه القصص مفعمة باإلنسانية ومـثـيـرة لـإعـجـاب والفخر ويجب أن تنقل للعالم ليس من قبيل املن وإنما لتوضيح املسؤولية الكبيرة التي تستشعرها اململكة وتتحملها باقتدار تجاه حجاج بيت الله الحرام.