ابتزاز املواطنة !
وفــقــا ملـــواقـــع إخــبــاريــة تــركــيــة دعــــا الــرئــيــس التركي املواطنني األتراك إلظهار تماسكهم الوطني أمام العالم بتحويل مقتنياتهم مـن الـذهـب والـعـمـات األجنبية إلى الليرة التركية لدعم العملة الوطنية، طبعا ال شيء يضمن أن تنتهي هذه املقتنيات إلى سراب مع استمرار انهيار قيمة العملة الورقية، والشاهد هنا هو هل من واجب املواطن أن يتخلى عن مدخراته املضمونة التي تشكل شبه أمان معيشته الشخصية لصالح الحكومة باسم املواطنة ؟! في الحقيقة ال، فاملواطن في أي بلد ليس مسؤوال عن فشل الـسـيـاسـات املـالـيـة للحكومات، وال عــن إنقاذها مـن تـداعـيـات قـــرارات وسـيـاسـات لـم يكن لـه دور فيها أو اسـتـشـارة، وبالتالي فــإن مثل هــذه الــدعــوات باسم الــوطــنــيــة تــعــد مـــن الــتــجــديــف الــســيــاســي واالبــــتــــزاز العاطفي الــذي اعــتــاد عليه الـسـاسـة فــي بعض بلدان العالم الثالث ! في مثل هذه البلدان اعتادت األنظمة السياسية على اعتبار املواطنة مسؤولية باتجاه واحد، واعتادت على بيع الشعارات الوطنية املجانية لشعوبها، فاملواطن مسؤول عن إثبات وطنيته بدعم النظام السياسي دون تمييز بني الوطن والحكومة وتسديد جميع فواتيره السياسية واالقـتـصـاديـة، والــواقــع أن املـواطـنـة عاقة باتجاهني، عاقة أخـذ وعـطـاء، والنظام السياسي أو الحكومة ليسا الوطن، لكن بعض الساسة في هذه الدول يسعون لتكريس عـقـدة الــذنــب الـوطـنـي عند املواطن ليشعر بأنه مسؤول عن إنجاح عمل الحكومة وتحمل تداعيات فشلها كما يفعل بعض األبناء الفاشلني مع آبائهم، فيكونون عالة عليهم في الصغر والكبر ! ليس من حق النظام السياسي أن يطالب املواطن بتحمل نتائج إخفاقاته وفشل سياساته، خاصة عندما يكون هذا املواطن على الهامش، مهمته الوحيدة التسبيح بحمد السياسي وشكر نعمه حتى عندما تكون نقما على حياته !