كاش.. تأمني.. متر هندي
البدايات املشوهة تؤدي إلى نتائج ونهايات أكثر تشوهًا، وهذا مــا ينطبق عـلـى شــركــات الـتـأمـن الـصـحـي الـتـي خلقت لدينا عاملها الـخـاص وقوانينها وأنظمتها املختلفة عـن بقية دول العالم لتصبح «كارتيال» يجني األربـاح الطائلة مقابل خدمة سيئة ومعاناة لصاحب التأمن. مشكالت ال حصر لها لهذه الـشــركـات، وشــكــاوى ال تتوقف مــن املتعاملن معها، وأزمات مستمرة بينها وبن املرافق الصحية أدت إلى اضطرار وزارة الصحة وقف التعامل مع بعضها، لكن كل ذلك ال يكشف القليل من الواقع السيئ والخطير لهذه الشركات الذي يتحمل نتائجه املريض وحده. معظم األطباء العاملن في هذه الشركات متعاقدون أجانب غير متخصصن يتدخلون بشكل مباشر في قـرارات االستشارين املـعـالـجـن، ويــصــل بـهـم األمـــر أحــيــانــًا إلـــى طـلـب تغيير عالج املــريــض أو إيـقـافــه أو إخــراجــه مــن الـعـنـايـة املــركــزة ضــد قرار الطبيب املـعـالـج، والـتـهـديـد بـعـدم الــصــرف للمستشفى إذا لم يـرضـخ لـقـرار طبيب شـركـة الـتـأمـن الـجـاهـل املـنـخـور ضميره بتوفير املــال على حساب صحة املـريـض. وعندما نشتكي من ارتفاع فاتورة املرافق الصحية الخاصة فإن أحد وأهم أسبابها أنها تضع تسعيرة عالية ملرضى الكاش تعويضًا عن التسعيرة الهزلية التي تضعها شركات التأمن، فبالله هل هناك طبيب بأقل قدر من املعرفة يضع تسعيرة سرير العناية املركزة 250 ريــاال فـي الـيـوم أو 170 ريــاال للحضانة أو 25 ريــاال للكشف، هؤالء هم أطباء شركات التأمن. وإذا ما عرفنا أن هذه الشركات تتعمد تأخير سداد مستحقات املـسـتـشـفـيـات لــفــتــرات طــويــلــة لـلـمـسـاومـة عــلــى التخفيضات، وتتأخر في اعتماد طلبات العالج وكثيرًا ما ترفضها، فماذا نتوقع نــوع الخدمة التي يحصل عليها املـريـض. لقد أصبح السؤال املهم عند مراجعة املرافق الصحية الخاصة هو: كاش أو تـأمـن؟ إذا كــان الـجـواب «كــاش» فأبشر بالخدمة السريعة املتكاملة، أمــا إذا الـجـواب تأمن فكأن املـراجـع متسول يطلب حسنة، وربما ال تصدقون أنه حتى جودة الدواء الواحد تختلف بن مرضى الكاش والتأمن بحسب مكان وجهة تصنيعه التي تحدد سعره. إذا كــان هــذا هـو الـوضـع الـقـائـم اآلن، فـمـاذا سيحدث لـو طبق الـتـأمـن عـلـى جميع املـواطـنـن مــع الخصخصة بــوجــود هذه الشركات الهزيلة الفوضوية.