من أسامة حلمزة بن الدن.. ومن قطب لسفر احلوالي !
لم يكن خروج سفر الحوالي املقعد واملريض لعشر سنوات مضت، وما رافق تلك العودة من نشر لكتابه املثير للجدل «املسلمون والحضارة الغربية»، واالحتفاء املريب به من مثلث الشر «قطر، اإلخــوان، القاعدة» صدفة كما أريد لنا أن نفهمها، كما لم يكن خروج حمزة بن أسامة بن الدن وعودته لألضواء بتلك العدائية والغرور والصدامية والدعوة للقتل وسكب الدماء هي األخرى صدفة. فماذا يدور في الخفاء يا ترى. لنعد للخلف قليال إلـى أواســط الستينات امليالدية لنحاول تفكيك ما يحصل الـيـوم، إذ لطاملا بحث اإلخــوان عن شخصيتني يعتقدون أنهما تمثالن رأس مشروعهم للمواجهة والتمكني. أوال.. مفكر «إسالموي» يكون مصدر فخرهم ومرجعيتهم العقائدية، وتستمد جماهيرهم منه اإللهام واألفكار، يتم من خالله التعبئة ضد الخصوم ويستخلص من أدبياته املبادئ والــفــتــاوى، فحسن البنا لـم يكن ســوى مـؤسـس للجماعة بـال عمق ديـنـي وال فـكـري وكل املرشدين من بعده كانوا كذلك. لذلك كــان مـن الــضــروري «للجماعة» اخـتـراع مرجعية فكرية يتم تضخيمها واالحتفاء بإنتاجها وتحويلها إلــى أيـقـونـة «لـلـنـضـال والتضحية مــن أجــل مصلحة التنظيم أو الشهادة» كما يزعمونها. من هنا خلقت شخصية سيد قطب، لقد وجد اإلخوان في قطب، املفكر العلماني السابق، ضالتهم، وخصوصا مع انقالبه على مفاهيمه القديمة والتحاقه بالجماعة. أخذوا من أدبيات سيد قطب ما سهل عليهم اغتيال السادات بل اغتيال العالم اإلسالمي كله فيما بعد، مستندين إلـى نظريتي التكفير والهجرة والـــوالء والــبــراء، اللتني قسمتا العالم لدار إسالم ودار كفر، وأسستا لفكرة أن اإلخـوان هم جماعة اإلسـالم ومن خارجها أمم كافرة. ثانيا.. البحث عن شخصية كريزماتية متهورة مستلبة ال استقالل لها، تنفذ ما يطلب منها دون تفكير وتجمع عليها الجماهير دون أن يعلموا أن هناك جماعة خفية من ورائها تديرها وتتحكم بها. وجدت تلك الشخصية بعد 15 عاما في جدة غرب السعودية عندما رشح عبدالله عزام، أسامة بن الدن لاللتحاق بالجماعة وهو ال يـزال طالبا في جامعة امللك عبدالعزيز، كان أسامة يمثل تلك املواصفات بدقة، فإضافة لتكوينه الجسماني الفريد فهو فارع الطول ذو مالمح صارمة صامتة كان ابن أسرة غنية وشهيرة. سـذاجـة أسـامـة وبحثه عـن الـزعـامـة جعلت منه ألعوبة فـي يـد التنظيم، أعـطـوه مـا يريد وأخــذوا منه أعـز ما يملك، دينه ووطنه وحياته ومستقبله، وليتمكنوا منه أحاطت به القيادات اإلخوانية املصرية ولم تترك له مساحة للتفكير أو التراجع، هل نسينا الظواهري وأبو حفص املصري ورفاعي طه ومصطفى حمزة وغيرهم. في بداية الثمانينات قـررت جماعة اإلخــوان املسلمني البدء في مشروعها األممي القائم على إنشاء دولتها الخاصة في دار الهجرة التي كانت أفغانستان في تلك الفترة، جاءت أفغانستان كهدية غير منتظرة، إال أن سذاجتهم السياسية وتسرعهم وحرقهم للمراحل أجهض املشروع في بدايته. أجبرهم إحباطهم للتحول من إنشاء دولة إخوانية إلى بناء ذراع عسكرية عابرة سميت بــالــقــاعــدة، مهمتها إســقــاط الــــدول إن أمــكــن، وتـمـكـني الـجـمـاعـة مــن الــتــفــاوض وتحقيق مصالحها السياسية. استمرت املــحــاوالت لـــ02 عاما الحـقـة، بــدأت فـي أفغانستان 1985 وانتهت فـي الرياض ،2005 بعدما دمـرت السعودية أحالمهم وأجهضت تنظيمهم املحلي الـذي حـاول إنشاء دولته املزعومة وإشاعة الفوضى في اململكة، مضت 13 عاما من موت التنظيم وتشرده في أصقاع األرض، اليوم تحاول القاعدة من خالل عرابيها قطر، اإلخوان، إيران، إعادة إحياء التنظيم املحطم ومللمة أطرافه. علينا أن نتذكر جيدا أن محمد الظواهري أصر على زواج حمزة بن الدن من ابنته، وها هو الظواهري بعدما هيمن على األب عقودا طويلة يكمل مسيرة السيطرة على االبن، وكما استخدم أسامة في الحرب على السعودية سيقوم حمزة بنفس الـدور نيابة عن التنظيم العاملي لإلخوان وقطر وإيران. وكما جمعوا بني أفكار سيد قطب وأحالم أسامة بن الدن الساذجة يقومون اآلن بالجمع بني سفر الحوالي وحمزة بن الدن، فالحوالي هو املفكر أو سيد قطب هذا الزمان، وحمزة هو أسامة بن الدن الجديد، واإلخوان املسلمون هم العقل املدبر وقطر هي البنك املمول.