بيراميدز وذكرى ميالد املستشار آل الشيخ

كتبت هنا قبل فترة أن تركي آل الشيخ يمثل بحضوره الصاخب وبصوته العالي وإيقاعه السريع ظاهرة جديدة وتحوال فريدا في نسق السلوك السعودي الذي كان خالل عقود مضت متسمًا بشيء من تراكم التقاليد املحافظة وبقدر من الرصانة الفائضة عن الحد والزائدة عن مقدار ما يجب، لكن ذلك كان يحدث فعليًا في محيط ترتفع فيه معدالت الحذر والتوجس وتكتظ فيه قوائم العيب. قد يجدني البعض مبالغًا لكن من يتجرد من وهم الكمال سيرى أنني وصفت واقـعـًا سعوديًا امتد لعقود وهــو مـا أوجــب علينا االنـــدهـــاش وربــمــا االســتــنــكــار مــمــا يــحــدثــه تــركــي آل الــشــيــخ في مجتمعنا من جلبة وضجيج وخروج عن النص السائد ما جعله حديث مجالسنا املحلية «تصريحًا وهمسًا». قبل يومني غـرد تركي آل الشيخ بأنه قد أكمل الـــ73 عامًا وكنت أحـسـبـه أكــبــر وأكــثــر مــن هـــذا الــحــد، لـكـنـه رغـــم كــل ذلـــك قــد أنجز للرياضة السعودية والعربية في عـام واحــد ما ال يتم عمله في عقد كامل. لقد شعرت في لحظة تأمل أن الطاقة الـوافـرة واملهام العريضة املوكلة للمستشار هي السبب في تصوري عنه ما جعله يكتنز طاقات الرجال التي ينوء بها الرجل الواحد في جسمه. ماعلينا!! ففي نفس الــوقــت الـــذي أكـمـل فيه آل الشيخ عـامـه الــــ73 فقد أتم تأسيس فريق كروي جديد في مصر وهو نادي الـ«بيراميدز» أو األهرام، والذي يلعب أولى مبارياته أمام فريق إنبي. وإذا كان آل الشيخ قد فرض حضوره على مجالسنا املحلية فإنه -هــنــاك- فــي مـصـر قــد شـكـل ظــاهــرة مجتمعية إعـالمـيـة رياضيه بني املؤيد واملعترض، وأصبح يشكل هاجسًا للمصري التقليدي الذي يتوجس من الغريب «غير املصري» والذي يبتدر سوء الظن والشك على حسن النية، لكن تركي رغم ذلك ماض في مهمته. فقد خرج من األهلي املصري نزوال عند رغبة املحافظني، ومضى بدعم املؤيدين املجددين في إنشاء الـ (بيراميدز) ولن يقبل تركي -في ظني- إال أن يكون هـذا الفريق خـالل سـنـوات قصيرة أحـد أندية مصر الكبرى. تركي آل الشيخ مالكم من الـوزن الثقيل «يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة» كما كان محمد علي كالي يصف نفسه في الحلبة، وأظن أن املزاج العام الذي توطن عندنا وفي مصر على السكون والهدوء واملسايرة عليه أن يتعود مع هذا اإلنسان املختلف (الشاعر الرقيق واإلداري الخشن واملواطن املزوح) تركي آل الشيخ، ويوطن نفسه على إيقاع جديد يتسم بالصخب والسرعة وخرق املعتاد ومغايرة السائد. فاملرحلة التنموية مختلفة وتأتي بالتالي بمواصفات مختلفه لقادتها ورجالها.