لسنا جمهورية موز يا كندا
مشكلة التصريح الذي صدر عن السفارة الكندية باململكة، والذي يمثل بالضرورة الخارجية الكندية والحكومة الكندية، أنـه يثير االستغراب ملا فيه من سذاجة وسطحية ووقاحة تجعل من يقرأه دون علمه بالدولة التي أصدرته أنه صدر من دولة بدائية متخلفة نائية في مجاهل العالم، ولـيـس دولــة كبيرة متحضرة ولـهـا موقعها املـهـم فـي املجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته، وما يزيد األمر غرابة أنه يصدر من دولة تربطها عـاقـات قوية باململكة وبينهما مصالح مشتركة على كافة األصعدة، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما قرابة 134 مليار دوالر في العشر السنوات األخيرة، ويدرس فيها أكثر من 8 آالف طالب سعودي ومثلهم مــن املــرافــقــن، لـكـن األغــــرب مــن كــل مــا سـبـق أن املــوقــف الــكــنــدي املسيء للمملكة كان با قضية، فعا با قضية، ومن قرأه قد يتبادر إلى ذهنه أن من صاغ مضمونه موظف مغمور أهوج دون علم املسؤولن في السفارة أو الحكومة الكندية، موظف يجهل أبسط أبجديات ومفاهيم وضوابط العاقات بن الدول، ولكنه لألسف لم يكن كذلك. يــا ســعــادة السفير الـكـنـدي املــطــرود: لقد اعـتـدنـا على سـمـاع مــا تحاول تسويقه بعض املنظمات من ادعاءات تتكئ على مصطلحات رنانة مثل الحقوق والحريات العامة ونشطاء املجتمع املدني واملطالبات السلمية وربطها باعتقال حكومة اململكة كـل مـن يمارسها، مـع علمنا اليقيني بــعــدم نــزاهــة تـلـك املـنـظـمـات وأهــدافــهــا الحقيقية ومــن يوجهها ويقف خلفها، ولـقـد سئمنا مــن التأكيد على أنـهـا ادعــــاءات تجانب الحقيقة وتـغـالـطـهـا بـشـكـل مـتـعـمـد، ولــكــن حــن تــتــورط مـمـثـلـيـة رســمــيــة لدولة نحسبها صديقة وشريكة في مجاالت مهمة منذ زمـن طويل في تبني هــذه االدعـــــاءات ومــن داخـــل اململكة دون احــتــرام لقوانينها وأنظمتها وشؤونها الداخلية السيادية فـإن وراء األكـمـة مـا وراءهـــا، وال يجب أن يقتصر األمر على طردك وتجميد العاقات مع دولتك، بل ال بد من بحث الحيثيات التي تجعل دولتك تتبنى هذا املوقف االستفزازي لنتبن هل أنتم دولة صديقة فعا أم لكم يد في شكل من أشكال التآمر على سلمنا املجتمعي وأمننا الداخلي؛ ألن ما حدث غريب ومريب ويصعب تمريره كحدث عابر منفصل عن سياق ما. لتعلم يــا ســعــادة السفير املــطــرود أنــك لــم تـكـن ممثا لـبـلـدك فــي إحدى جمهوريات املــوز وإنـمـا فـي دولــة كبرى مهمة وقـويـة وصاحبة سيادة وقرار وتحترم الشؤون الداخلية لكل دولة أخرى لها عاقة معها، لكنها ال تسمح تحت أي مبرر بالتدخل في قراراتها وسيادتها وأنظمتها. لقد أفسدت عاقة ثنائية مهمة سيكون بلدك هو الخاسر فيها من أجل شأن ال نـاقـة وال جمل لـك ولـدولـتـك فـيـه، ولـكـن رب ضــارة نافعة؛ إذ لعل هذا املـوقـف السعودي الـحـازم يمثل رسـالـة قوية واضـحـة لــدول أخــرى تفكر بالتدخل في شؤوننا.