Okaz

الرياض.. عاصمة التحوالت والسيادة

- يحيى األمير * yameer33@hotmail.com

العالم كله منشغل باملوقف السعودي الجريء والـــنـــ­وعـــي الــــــذي جـــــاء ردا عــلــى التدخالت الكندية السافرة في الشأن السعودي. وتكاد تــــدور مـخـتـلـف الـتـحـلـي­ـالت اإلعــالمـ­ـيــة حـــول كـــون املوقف السعودي جـاء صادما ومخالفا ألقصى التوقعات، وأنه يمثل رســالــة سـعـوديـة للعالم بـشـأن املـلـف األكــثــر عرضة لالنتقاد وهـو ملف حقوق اإلنـسـان، لكن العامل املشترك بن كل تلك التعليقات مستوى الصدمة الكبير وغياب أي قراءة جديدة مقنعة. يـحـدث كــل ذلــك ألن الـعـالـم كـلـه اعــتــاد أن منطقتنا سيئة الصيت في العالم اعتادت على شخصية التلميذ البليد الذي يتلقى التأنيب والتقريع يوميا من منظمات وهيئات حقوق اإلنسان في العالم بينما يكتفي بالصمت والتبرير أحيانا. لم يحدث أن كان ملف حقوق اإلنسان ملفا نزيها وصادقا، لــقــد تــحــول إلـــى وســيــلــ­ة مــن وســائــل الــضــغــ­ط والتوظيف السياسي، وتشكلت عبر مختلف البلدان األوروبية جماعات ومنظمات ترضخ لسيطرة الجهات املمولة وتلعب وظيفة رئيسية تتمثل في اللعب بالورقة الحقوقية. الــعــامـ­ـل اآلخـــر فــي فــســاد تـلـك املـنـظـمـ­ات مــا يـمـكـن وصفه بـالـفـسـا­د املـعـرفـي والـثـقـاف­ـي؛ إنـهـا منظمات تقليدية في الــغــالـ­ـب وال تــتــطــو­ر كــثــيــر­ا ولــديــهـ­ـا حــزمــة مــن العناوين املطلقة الـجـاهـزة التي تظل ترفعها دون أدنــى استيعاب للمتغيرات أو األبعاد الثقافية واالجتماعي­ة والسياسية في أي مجتمع، وباملال وباألنشطة املشبوهة تستطيع تلك املنظمات أن تمثل عامل ضغط على الحكومات وتؤثر في قراراتها وتوجهاتها. هــل مــن املـبـالـغ­ـة الــقــول إن ذهـنـيـة تقليدية مــاكــرة ال تزال هـي املـؤثـر األبـــرز فـي مـوقـف كثير مـن الـبـلـدان األوروبية فـي ملف حقوق اإلنــســا­ن، إذ تفتقد تلك الذهنية للتفكير الكلي الواعي املرتبط بالتحوالت والظروف الثقافية لكل مـجـتـمـع، وتــظــل تــركــز عــلــى الـقـضـيـة الـــواحــ­ـدة والعنوان الـــواحــ­ـد وتــســعــ­ى لــخــلــق رمــــوز ورقـــيـــ­ة مـــن خــــالل منحها الجوائز وإقامة الندوات والفعاليات باسمها. بينما يــراقــب الـعـالـم الــيــوم كــل مــا يــحــدث فــي السعودية بصفته أبرز وأضخم تحول إيجابي تشهده دولة محورية في املنطقة منذ عقود، يدرك العالم أن كل التحوالت التي نعيشها اليوم تحوالت قادمة من الداخل وبـإرادة داخلية واعـيـة تنطلق مـن قــوة حقيقية وتمثل رحـلـة جـديـدة في مسيرة اململكة بصفتها أبــرز وأهــم دول املنطقة وأكثرها محورية في حماية ودعم نموذج الدولة الوطنية وبخاصة بـعـد األحــــدا­ث الــكــبــ­رى الــتــي شـهـدتـهـا املـنـطـقـ­ة مـنـذ العام ،2011 ومــا قامت بـه اململكة مـن مـواقـف ومــا اتخذته من إجراء ات أعادت بهما صياغة خرائط التوازنات السياسية في املنطقة بل وفي العالم. انــتــهــ­ت أزمــنــة الــوصــاي­ــة الــحــضــ­اريــة الــتــي ظــلــت عنوانا الســتــعـ­ـمــار ثــقــافــ­ي وســيــاسـ­ـي طــاملــا أذعــنــت لــه بــلــدان في املنطقة، وألن الـتـحـوال­ت السعودية حقيقية وواعـيـة فما يحدث الـيـوم مـن مـواقـف فـي مجابهة تلك التدخالت هي مواقف حقيقية وضرورية وترسيخ حقيقي ملفهوم السيادة ببعده الحضاري قبل السياسي. وسنرى انعكاسات واسعة لـهـذا املــوقــف فــي سـلـوك مختلف دول املنطقة الـتـي طاملا مثل ملف حقوق اإلنسان ورقة ضغط عليها في يد الدول واملنظمات. نعلن اليوم موقفًا واضحًا للعالم؛ كل ما يحدث في اململكة لـيـس بضغط مــن أحـــد، وكــل مــا لــم يـحـدث لـيـس مــن شأن أحد، وإدارتنا مللفاتنا الداخلية نابعة من واقعنا ورؤيتنا نحن. وبخاصة أمام املواقف والتعليقات التي تفتقد ألدنى درجات اللباقة والوعي السياسي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia