عندما تنتصر اململكة لسيادتها
كـل التحية لـقـرار اململكة وإجـراءاتـهـا السيادية العاجلة غير اآلجلة، تـــجـــاه الــتــصــريــحــات الــكــنــديــة املــــتــــجــــاوزة ورفـــضـــهـــا لــفــظــا وشكال ومضمونا، فلطاملا اسـتـمـرأت بعض الـــدول الغربية شماعات كاذبة صنعتها وتروجها لتبرر ذرائــع للتدخل فـي شــؤون الـــدول، وكــم من دول ومنظمات شعاراتها حقوقية وجوهرها تدميري تغولت وتمادت في ذلك عبر تصريحات مسمومة وتقارير مكذوبة وحمالت مغرضة وقنوات ومنظمات تنفذ أجنداتها. لقد قوبل هـذا املـوقـف املحترم مـن اململكة بارتياح كبير فـي الداخل وفي املحيط العربي وخارجه، وقد جاء بيان وزارة الخارجية واضحا وشــارحــا لطبيعة انــحــراف الـسـلـوك الـدبـلـومـاسـي الــكــنــدي، بــشــأن ما أسـمـوه حقوق نشطاء املجتمع املـدنـي الـذيـن تـم توقيفهم، ومثل هذا التدخل مخالف لـأعـراف الدبلوماسية وملبدأ قانوني دولــي تأسس منذ عقود، وهو احترام سيادة الدول، ومن ثم جاءت حزمة اإلجراءات السعودية قوية وفاجأت الدولة الكندية بما لم تتوقعه. غرابة التدخل الكندي أن دبلوماسيتها ظنت مبررا لها بالتدخل، دون أن تكلف نفسها تبيان استقاللية الـعـدالـة فـي اململكة واحــتــرام ذلك، وفــي كـل األحـــوال ليس لها الـحـق فـي تـنـاول وانـتـقـاد شــأن داخـلـي له مرجعية قضائية في التحقيقات واملسار القضائي بضمانات حقيقية وحقوق مصانة من األجهزة األمنية والتحقيقات والقضاء، لذا كانت تـــجـــاوزات قـمـة هـــرم الـدبـلـومـاسـيـة الـكـنـديـة وســفــارتــهــا فــي الرياض مستغربة ومرفوضة، وربما تسمح تلك الغرابة بأن يذهب تفسير هذا التجاوز إلـى سـوء املقاصد التي اقترنت طويال بتدخالت غربية في دول كثيرة، حيث اختلقت وابـتـكـرت شــعــارات خـادعـة وجعلت منها أنيابا لتدخالتها، وتمادت لتمنح نفسها حق تقرير مصير دول وأمم، لكن تلك األقنعة سقطت وباتت عالمة بالغة السوء والحساسية في الذاكرة العربية، حتى من يسمونهم (نشطاء) بدول كثيرة في العالم، بعضهم ال يخدمون مجتمعاتهم، بـل باملفهوم الغربي الـراعـي لهم، ليسوا إال معول هدم لصالح جهات خارجية، وتلك قصة كبيرة ملخطط دول خارجية وإقليمية لتدمير استقرار املنطقة وليست قطر وإيران ومرتزقتهما ببعيد. الــفــارق بالنسبة للمملكة أنـهـا منذ تأسيسها، تــدرك صــواب نهجها وحـكـمـة سـيـاسـتـهـا، انـطـالقـا مــن تعاليم الـشـريـعـة السمحة والتزاما بــالــقــوانــن واملــعــاهــدات الــدولــيــة، وهـــي نــمــوذج رائـــد ومــنــزه للعطاء اإلنساني، وتعظيم حقوق اإلنسان وتعزيز اللحمة الوطنية، وتثبيت مقاصد الـعـدالـة بكافة مراحلها بضمانات راسـخـة، كما تطبق مبدأ املواطنة وال تسمح في أنظمتها وتشريعاتها وواقعها بأي تصنيف وال تقسيم وال اضطهاد. كندا تــدرك أو هكذا كــان يـفـتـرض، أن النـاقـة وال جمل لها أو لغيرها في شأن داخلي باململكة التي هي األحرص على أبنائها وعلى سالمة الوطن واملجتمع من كل سـوء وشـر يتربص بهما، وهــذا حق سيادي لها كما هو لكل دولة، والفصل في كافة القضايا هو ضمانات استقالل التحقيقات ومــراحــل التقاضي وأحــكــام الـقـضـاء وجميعها مصانة، لذلك وبهذا املوقف الحازم تدافع اململكة عن مبدأ دولي مهم، وهو عدم جواز التدخل في شؤون الدول، وبالتالي اتخذت ما يلزم من إجراءات سيادية صارمة ومفتوحة على املزيد. كـنـدا بـهـذه السقطة غير الدبلوماسية الخطيرة ربـمـا توقعت أن ال يتجاوز رد الفعل الـسـعـودي تصريحا غاضبا هـو أقـصـى مـا تملكه دول كثيرة تعاني من التدخل الخارجي، لكن عاجلها الدرس وتسعى حثيثة إليجاد مخرج لأزمة، والدرس هنا ال يكمن بن السطور إنما رسالة مفتوحة، بأن من يحاول التجاوز على اململكة عليه أن يتحمل النتائج، وبهذا تسجل سابقة محمودة ومهمة تسهم في تعظيم معنى السيادة لضمان استقرار العالم.