الطريُق تكّذب املعالم
مثل كتاب سيد قطب (معالم في الطريق) الذي صدر عام ،1964 التعويذة األولــى التي تم بها استثمار انفعاالتنا، وغـرس فينا بـــذرة الــثــورة الـوجـدانـيـة، وأول نسخة منه جـاءتـنـي جــائــزة من معهد الباحة العلمي وأنا في السنة األولى املتوسطة عام .1978 مقدمة املعالم يفترض أنها ستقودك إلى طريق النجاة، إال أنها تذهب بك إلى هاوية، فمجموعة أفكار أيديولوجية متأزمة تنجح في تأزيمك مع نفسك، ما يشعرك بأنك في مجتمع غير إسامي، وكل ما حولك يتسبب في ضياع وقتك ومشروعك، فابد من االنفصال عن املجتمع الجاهلي، (البد من مؤهل آخر لقيادة البشرية - غير اإلبداع املادي - ولن يكون هذا املؤهل سوى «العقيدة» و«املنهج» الــذي يسمح للبشرية أن تحتفظ بنجاح العبقرية املـاديـة، تحت إشراف تصور آخر يلبي حاجـة الفطرة كما يلبيها اإلبداع املادي، وأن تتمثل العقيدة واملنهج في تجمع إنساني). يقصد بالتجمع اإلنساني (الجماعة) التي وضع لها مواصفات وضـــوابـــط وشـــــروط انــتــمــاء مــنــهــا االنــصــيــاع الـــتـــام ألدبيات التجمع ما يسلب منك (فرديتك) التي هي خصيصة ربانية، خلقك فـردًا، وتأتيه يوم القيامة فـردًا، ويؤكد قطب أن التجمع نــواة الجماعة، والجماعة نــواة األمــة التي البـد مـن بعثها من مرقدها الـذي فرشه لها حكام ال صلة لهم باإلسام كما يزعم (ال بد من «بعث» لتلك األمـة التي واراهــا ركـام األجيال وركام التصورات، وركـام األوضــاع، وركـام األنظمة، التي ال صلة لها باإلسام، وال باملنهج اإلسامي، وإن كانت ما تزال تزعم أنها قائمة في ما يسمى «العالم اإلسامي» )!!! عامات التعجب من املؤلف بالطبع. أصــدقــكــم الــقــول إن تـجـربـتـي مــع الــصــحــوة فــي الــبــدء وبحكم الــحــمــاس لــهــا، أضــعــفــت الــجــانــب اإلنــســانــي فــي داخـــلـــي، على مستوى الفكرة واملمارسة، وكـان للرموز وصايا تحذيرية من الثقافة كمصطلح، وتشديد على منع ما يسمى بالقراءة الحرة، فهم من يرشح لك ما تقرأ ألن الثقافة باعتبارها تراثا إنسانيا مصيدة يهودية كما يرى كتاب املعالم. سامح الله سيد قطب، فقد أضاع 20 عامًا من عمري في االسترابة من مجتمعي وأهلي ونـاسـي، والـيـوم بعد 40 عامًا، اكتشفت أن املعالم أوهــام كشفها الواقع، وإرشادات كذبها الطريق. مريام فارس