املهمة األولى للوزارات االقتصادية !
كـمـواطـن سـعـودي أرى وعــن قناعة كبيرة ومطلقة أن املهمة األولــى لــوزراء الحقائب االقتصادية والخدمية هـي رفـع الكفاءة فـي األداء وتحسني جــذري فـي فرص التوظيف للسعوديني وجذب استثمارات أجنبية. هذه أهداف مطلوبة وملموسة وقابلة للقياس والتحقيق ولها انعكاسات اقتصادية صغرى وكبرى على مستوى الوزارة والقطاع نفسه، وكذلك األمــر على املستوى االقتصادي الشامل والكلي. وهنا يتطلب األمر توضيحا من بعض الــوزارات والقائمني عليها. ملـاذا لم يكن يحصل حتى اآلن «قفزات» نوعية جادة لسد فجوات في الوظائف؟ وزارة الصحة ال تــزال عـاجـزة عـن توطني وظـائـف األطــبــاء، واألدهى واألمــر عجزها العظيم في توطني مهنة التمريض والفنيني. وكذلك األمـــر بالنسية لهيئة الـطـيـران املــدنــي وعـاقـتـهـا بـتـوطـني الوظائف لــلــشــركــات الــجــويــة مــثــل الــخــطــوط الــســعــوديــة ونـــــاس والسعودية الخليجية ونـسـمـا، وعـــدم إلـزامـهـم بنسب جـــادة فــي تـوطـني وظائف الطيارين واملضيفني واملضيفات. عـدد املضيفات العامات في هذا املجال يفوق 7 آالف، بمعنى آخـر، هذه 7 آالف وظيفة لبنات الوطن. وال داعي إلعادة التذكير أن العوز االقتصادي أثبت مرة تلو األخرى أنه أهم من التحفظ االجتماعي. هــذه هــي مـجـرد أمثلة على «الــقــصــور» واملــوجــود فــي سـرعـة توطني الوظائف لدى كيانات عماقة ومؤثرة لم تقم بمهماتها بشكل فعال للمساهمة فــي الـتـعـامـل مــع تــحــدي الـبـطـالـة وفــي جـلـب استثمارات عـمـاقـة مــع شــركــات لـهـا خــبــرة فــي مـجـاالتـهـا تـضـيـف قـيـمـة مميزة لـاقـتـصـاد الـوطـنـي. هيئة الـطـيـران املــدنــي حـتـى اآلن لــم تـبـني سببا تفصيليا لاستغناء عن شركة مطار شانغي (املطار األول في العالم) لتشغيل مطار جدة واستبداله بمشغل محلي، وبالتالي فقدان العب عاملي ومؤثر كان سيكون له البصمة التطويرية الواضحة واملطلوبة، ومــا ينطبق على هيئة الـطـيـران املـدنـي ينطبق على وزارة الصحة فــي عــدم قـدرتـهـا عـلـى جــذب مستثمرين كـبـار بـحـلـول غـيـر تقليدية لاستثمار فـي القطاع الصحي الكبير واملـغـري، ســواء أكــان ذلـك من الكويت واإلمارات واألردن أو الهند واليابان وكوريا وأملانيا والنمسا وأمريكا وإنجلترا. اختتمت منذ أيام مناسبة مهمة والفتة وهي هاكاثون الحج، والتي كـان الهدف األبــرز منها هو تسخير التقنية لخدمة الركن الخامس وتسهيل مهمة الحجاج والقائمني على هذه الشعيرة املقدسة، وبعد أيــام تحل علينا أيــام الـحـج نفسه، وسـنـرى آالف الـشـبـاب والشابات الــســعــوديــني يـتـطـوعـون للعمل فــي أعــمــال ومــهــمــات مختلفة بشكل مـشـرف كـعـادتـهـم كــل سـنـة، وهـــذه تعيدنا إلــى مهمة وزارة التعليم في زرع ثقافة العمل التطوعي واملدفوع كجزء من املنهج التعليمي وكـجـزء مـن متطلبات وشــروط استكمال الـشـهـادة الـدراسـيـة بــدال من االنتظار حتى نهاية فترة التعليم والدخول إلى سوق العمل بشكل صادم وغير مستعد. الـوزارات مطلوب لها أن يكون لديها هي األخرى «نطاقات» تحاسب عليها بعدد الوظائف التي وطنتها والتي خلقتها ومدى قدرتها على جلب االستثمارات األجنبية، وفـي حالة نجاحها ينعكس ذلـك على موازنتها بشكل إيجابي والعكس صحيح. االقتصاد تغير وال بد أن ينعكس ذلك على ثقافة العمل داخل الوزارات والجهات الرسمية وأن تستشعر الدور الجديد املطلوب منها.