رؤوس املاللي على مقصلة «ثورة اجلياع»
مـنـذ أواخــــر 2017 تـشـهـد إيــــران مــوجــة احــتــجــاجــات دفعت الجماهير إلى الشوارع على خلفية تدهور الوضع االقتصادي مــــا تــســبــب فــــي ارتــــفــــاع أســــعــــار املـــــــواد ومــــعــــدالت البطالة واسـتـشـراء الـفـسـاد. وقــد فـاقـم االنـسـحـاب الـرئـيـس األمريكي مــن االتــفــاق الــنــووي فــي الـثـامـن مــن مــايــو املــاضــي مــن حدة األوضـــاع، فضال عن تدهور قيمة العملة اإليرانية (الريال) إلى مستوى غير مسبوق، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار املــواد املستوردة والـغـالء املعيشي. ومنذ أسبوعني تجددت املظاهرات الغاضبة التي تطالب النظام الحاكم بوقف إهدار أموال الشعب على ساحات القتال في سورية ودفع املعونات لحماس. ومن الشعارات البارزة التي يرفعها املتظاهرون في «البازار الكبير» بطهران شعار «ال لبنان ال غزة»، ويبدو أنهم ال ينوون التوقف حتى يتلقوا األجوبة الواضحة من النظام. وخالل العام السابق كثر الحديث عن العالقات الوطيدة بني حماس وإيران وعن معونات املاللي لدعم الكفاح املسلح الذي تـريـده حماس ضـد إسـرائـيـل. ويتصدر املشهد اإليــرانــي في هــذا السياق شخصان هما قاسم سليماني وسعيد ايزدي، األول وهــو األعــلــى منصبا واألكــثــر شــهــرة فـهـو قــائــد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري، أما الثاني فهو رئيس الفرع الفلسطيني في قوات القدس ونفوذه ال يقل عن نفوذ سليماني؛ إذ يعتبر محور االتـصـال بني الطرفني. واالثنان يمثالن إلى حد كبير واجهة النشاط اإليراني تجاه حماس الذي يعتمد على دفع أموال يكون الشعب اإليراني في أمس الحاجة إليها. ومن هذا املنطلق فلن يكون مفاجئا أن يردد املــتــظــاهــرون فــي وقــت قــريــب هــذيــن الـرجـلـني فــي شعاراتهم وهتافاتهم فـي «الــبــازار الكبير»؛ إذ إن الشعب اإليــرانــي لن يرضى بتقبل الصيغ املطاطية التي يرددها حكامه. إن معاناة الشعب الفلسطيني فـي غــزة واضــحــة، لكن ليس منطقيا أن يستمر ضخ املاليني من الـدوالرات لصالح تسلح حماس، في حني أن ماليني اإليرانيني غير قادرين على دفع (متداولة) ثمن قوتهم اليومي، ومياه الشرب آخذة في النفاد. واملوقف يبدو واضحا «سليماني وايـزدي» هما املرشحان لدفع ثمن التجاهل اإلجـرامـي الــذي يبديه حكام طهران حيال مطالب الشعب، بل ولن يكونا آخر من يدفع هذا الثمن، حيث سيأتي بــعــدهــمــا الــــــدور عــلــى حــســن مــســكــريــان ويـــوســـف شهالئي (القيادي الـبـارز في قــوات القدس بالعراق واليمن)، رغـم أن الجميع يعلم أن هــؤالء ليسوا املذنبني الوحيدين، إال أنهم يجسدون أكثر من غيرهم الـدوافـع التي أخرجت اإليرانيني للتظاهر والهتاف «ال لبنان وال غزة.. إيران أوال».