Okaz

رسالة السعودية للعالم

-

قد يبدو أن قطع السعودية لعالقاتها مع كندا، على خلفية تصريحات الخارجية الكندية التي تدخلت في شأن األمن القومي السعودي، حول بعض املتورطني في تنفيذ أجندات خارجية من أجل زعزعة األمن فيها، إجـــراء طبيعي لـدولـة تـمـارس حقها الـسـيـادي فـي إدارة أمــورهــا، ولكن املتابع لألحداث األخيرة يعلم أن الهدف من هذا اإلجــراء، إرسـال رسالة من ضمن سلسلة الرسائل التي بعثتها السعودية أخيرًا، لتعلن للعالم بأنها العب أساسي ومؤثر، بصفتها زعيمة للعاملني العربي واإلسالمي، ولعلنا في األسطر القادمة نتحدث عن مراحل التغيير التي مــرت بها السعودية منذ تأسيسها لغاية اآلن، والتي يمكن إيجازها في مراحل عدة بدأت بإعالن تأسيس اململكة العربية السعودية في ثالثينات القرن املاضي حتى بداية الثمانينات، وكانت السعودية خاللها تمارس دورها القيادي بالرغم من إمكاناتها البسيطة وكثرة األحــداث واألخـطـار، من أبــرزهــا االحــتــا­لل اإلسـرائـي­ـلـي ّلفلسطني والــعــدو­ان الـثـالثـي عـلـى مصر والخطر الفارسي الذي كان يمثله نظام الشاه في إيران وثورة الخميني، بعد ذلـك وكـذلـك مـحـاوالت الناصريني فـي مصر لتغيير أنظمة الحكم في املنطقة. ومرحلة ثانية من بداية الثمانينات حتى بداية األلفية الثانية تمكنت السعودية في هذه املرحلة، من فرض نفسها كقوة اقتصادية وسياسية ومارست دورها القيادي فساندت العراق ضد العدوان اإليراني، ودعمت القضية الفلسطينية مــاديــًا وسياسيًا وســانــدت األفــغــا­ن ضـد العدوان السوفيتي، ودعمت األقليات اإلسالمية في كل مكان، ولكن هذه الفترة شهدت نشوء تيار راديكالي إسالمي اتخذ من الصحوة اسمًا له، وانتشر مستغال محبة الـنـاس للدين، ومــا تعانيه األقـلـيـا­ت املسلمة فـي بعض الدول من ظلم واستبداد، وفي املقابل نشأ تيار آخر اتخذ من الليبرالية عنوانًا له وإن كان في حقيقته مجرد أداة في يد بعض الدول الخارجية من أجل تنفيذ أجنداتها داخل السعودية. أما املرحلة الحالية فبدأت مع بداية حكم امللك سلمان ودخول ولي العهد األمير محمد بن سلمان للساحة السياسية، فاستطاعت السعودية خالل الـفـتـرة الـزمـنـيـ­ة الـقـصـيـر­ة، مــن بــدايــة هــذه املـرحـلـة حـتـى اآلن، أن تعود للمشهد السياسي العاملي وبقوة وذلك بعد أن استبدلت سياسة تحسني الصورة، بسياسة الحزم وعدم السكوت على ما يمس أمنها وسيادتها، فبدأت داخليًا في اجتثاث الفساد وتطهير البالد من تطرف األصوليني، ومن انحالل زوار السفارات، وخارجيًا أوقفت اإلساءات القطرية املزمنة وقطعت عالقاتها معها وكذلك موقفها من تصريحات وزير الخارجية األملـــان­ـــي، بـــأن أوقــفــت كــل الـصـفـقـا­ت الــتــجــ­اريــة والـعـسـكـ­ريـة مــع أملانيا، حتى تـراجـع الــوزيــر عـن تصريحاته ثـم تعاملت بـحـزم مـع أذرع إيران في املنطقة، فسعت إلى إعـادة الشرعية في اليمن وتخليصه من جرائم الحوثي، وشاركت في حملة القضاء على اإلرهــاب في سورية والعراق وساهمت في تقليص دور حزب الله في لبنان. أخيرًا إن موقف السعودية الـحـازم من التدخل السافر لكندا في الشأن الداخلي السعودي يبعث برسالة للعالم أجمع بأن السعودية قد عادت ملكانتها املؤثرة في الساحة الدولية، وملمارسة دورها القيادي وزعامتها للعاملني العربي واإلسالمي، وأن أمن السعودية وسيادتها خطان أحمران ال يمكن ألحد أن يتجاوزهما في ظل القيادة الحازمة للملك سلمان وولي عهده األمير محمد بن سلمان.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia