اإلعالم واجتاهات التغيير
يتبنى اإلعــــالم مـفـهـوم الـتـثـقـيـف كأحد أهــــــم مـــهـــامـــه ومـــضـــامـــيـــنـــه، عــــن طريق محاكاة املجتمعات على حسب التكوين واملفاهيم الثقافية والقيم االجتماعية، ورفع املستوى الفكري والدفع إلى العمل مــن أجــل املصلحة الـعـامـة، وعـلـى الرغم من أن الكثير من الرسائل املقدمة تأتي على هــذا النحو، إال أنــه أصبح يمارس دوره بــصــعــوبــة لــلــوصــول إلــــى الهدف الــذي يخلق بني أفــراد املجتمع قــدرا من االنسجام والتكيف، على سبيل املسايرة مــع الـطـريـقـة الـتـي نــشــأوا عليها كأفراد وجماعات في أساس البنية االجتماعية واألصول الثقافية األولية. العملية اإلعــالمــيــة تـتـأثـر باالعتبارات الثقافية واالجـتـمـاعـيـة، لكنها باملقابل قــادرة على التأثير في املتلقي، وعندما نــأتــي إلـــى األســـس الـسـيـكـولـوجـيـة لهذه العملية، فسنجد أن الــفــرد ينظر إليها من وجهة نظر التقاليد التي نشأ عليها، ويفحصها في ضوء املعتقد الديني الذي يـؤمـن بــه، ثـم يقارنها بـأفـكـاره السابقة ويـــحـــاول أن يــوائــمــهــا مــع نـــوع الحياة الــتــي يــحــيــاهــا والــســلــوك الــــذي يسلكه، وبعد ذلك يضعها في ميزان التطلعات التي يسعى إلى تحقيقها في املستقبل، ثــم يـربـطـهـا بـالـنـواحـي اإلنـسـانـيـة التي يحذر من ممارستها في سلوكه الخاص، وهـــي بــذلــك تــحــدث تـغـيـيـرا ولـــو نسبيا في اتجاهات الفرد أو سلوكه سواء كان السلوك الكامن أو العلني أو الفعلي. هــنــاك الــكــثــيــر مـــن املـــواقـــف الــتــي يثيرها إعـالمـنـا بــني الــحــني واآلخــــر، وهــي رسائل موجهة على سبيل إحــداث التغيير، وهنا يثبت دوره في التوعية وتدعيم اتجاهات التغير اإليجابية، وتعديل املسار للوجدان االجـــتـــمـــاعـــي والـــثـــقـــافـــي الـــســـائـــد، بحيث تصبح مستقبال قوة مدعمة لتقدم املجتمع وتحقيق التعددية الفكرية بـداخـلـه، التي هي السبيل الوحيد لتماسكه.