جوهرتان يسكن القلب فيهما !
انــتــهــى حـــج هـــذا الـــعـــام بــنــجــاح تـــام مع مرتبة الــشــرف األولــــى، ومــا مــن حــاج إال وكــــان الــبــشــر يـطـفـح مــن ثــنــايــاه تسبقه كـلـمـات الـشـكـر والــتــقــديــر لـلـقـائـمـني عـلـى أمـــر الوطن وخدمة ضيوفه والقيام بواجبهم وهم يأتون من كل فج عميق. منذ دخول املؤسس مكة املكرمة في العام 3431هـ، وقد جمع شتات الوطن ورمم بنيانه وعظم من شأنه متعهدًا حماية حجاج بيت الله الحرام متحما مسؤولية أمنهم عندما كانت األوضـاع غير مستقرة واألمن غير مستتب، مؤكدًا أمام العالم اإلسامي أنه يـرحـب ويبتهج بــقــدوم وفــود حـجـاج بيت الـلـه وأنه رحــمــه الــلــه يتكفل بـتـأمـني راحـتـهـم واملـحـافـظـة على جميع حقوقهم ويسهل سفرهم إلى مكة املكرمة، ومن يومها وهذه القيادة الرشيدة تبذل الغالي والنفيس لراحة حجاج بيت الله الحرام وزواره وكأنهم تعاهدوا على ذلــك، رغــم أن بعض الجهات املغرضة مـا فتئت تستهدف هذه الجهود بالتشكيك، وتحاول تسييس الـحـج ألغـــراض مشبوهة تتصل بمواقفها املخزية، وأجــنــداتــهــا املـــضـــروبـــة.. مــمــا جـعـلـنـا أمــــام تحديات كـبـيـرة تـتـضـاعـف مــع األيــــام، وتـكـفـي املـنـصـف نظرة عابرة على ما أنجز من مشاريع عماقة ليدرك حجم الجهد املبذول واملقدر لراحة قاصدي بيت الله الحرام، وأصبحنا في كل موسم أمـام تحديات أخـرى تتصل بكنس الزيف والشائعات املغرضة التي تنتاش من جهود اململكة العظيمة، وتحاول جاهدة أن تطمس كــل هـــذه الــجــهــود بـــاالفـــتـــراءات الــكــاذبــة وبادعاءات أقــل مـا توصف بها أنها تصدر عـن نفوس مريضة، مملوءة بالحقد، نفوس كالقبور بيضاء من الخارج وداخلها عظام نخرة، ولعل القرضاوي وأمثاله مثال واقع ألحد هذه القبور. لقد كان موسم الحج هذا العام يختلف عن غيره من املــواســم، فحجم الـتـحـديـات كــان كـبـيـرًا، واالفتراءات توسعت أبـوابـهـا، وتشعبت نـوافـذهـا، فحكومة قطر ال تستجيب لـكـل التسهيات لــوصــول رعــايــاهــا إلى األراضـــي املـقـدسـة فـي سهولة ويـسـر، ولــم يقف الحد عـنـد عـــدم االســتــجــابــة؛ بــل امــتــد إلـــى تجييش اآلالت اإلعــامــيــة املـــأجـــورة لــتــصــويــر قــطــر بـمـظـهـر الدولة املظلومة، واملحروم شعبها من تأدية ركن من أركان اإلســـــام، وتـعـلـيـق وزر ذلـــك عـلـى املـمـلـكـة، وبــلــغ هذا الــشــطــط واالفــــتــــراء مــــداه بـتـنـظـيـم مــؤتــمــر ملجموعة مــــحــــددة بــاملــمــلــكــة املـــتـــحـــدة، وإصـــــــــدار بـــيـــان ملفق وادعــــــاءات بـاطـلـة وكـــاذبـــة، تـكـشـف حـجـم التسييس الــــذي تــقــوم بــه هـــذه الـــدولـــة لـشـعـيـرة الــحــج. فبركوا صـورة وادعــوا أنها للقيادي سمير جعجع وزوجته أمـــام الـكـعـبـة، وأن اململكة منحت 300 تـأشـيـرة حج ملسيحيي لبنان وغيره من سقط الكام الـذي نسبوه لهذا الوطن البياض لتأتي الحقائق متتالية تنزع من هذه الحكايا سحرها وتأثيرها لتسقط صرعى تحت قــدمــي الحقيقة الـنـاصـعـة. أكــاذيــب تكشفها حقائق من الجهات املختصة لدحض كل الكذب والتدليس، فوزارة اإلعام أطلقت الهوية الجديدة للحج واملوقع اإللكتروني ألخباره الرسمية، والغاية من ذلك تقديم الصورة املثلى للدور اإلسامي الذي تقوم به اململكة. كــمــا اســتــضــافــت مــديــنــة جـــدة اآلالف مـــن املحترفني ومطوري البرامج وأنظمة التشغيل من قبل االتحاد السعودي لألمن السيبراني مـن أجـل إثــراء وتحسني أداء هذه الفريضة الدينية شكا وموضوعًا من ناحية الـصـحـة واملــــرور واإلقـــامـــة وإدارة الــحــشــود ونوعية الطعام وطريقة األداء وإيجاد أفضل الطرق من أجل حج آمـن وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، إضافة إلى تدشني وزارة الحج منصة (ضيف) لخدمة تنقات ضيوف الرحمن والتي تعد أكبر منصة في الـعـالـم لتتبع حـافـات الـحـجـاج بـالـتـعـاون مـع وادي مـكـة للتقنية، وغـيـرهـا مــن بــرامــج السقيا واإلطعام وتــرجــمــة خـطـبـة عــرفــة واســتــعــداد مــوانــئ ومطارات اململكة الستقبال وفـود الرحمن بكل أمن واطمئنان، توج كل هذه الجهود إنشاء هيئة ملكية ملكة املكرمة واملـشـاعـر املقدسة برئاسة ولــي العهد األمـيـر محمد الخير لتعكس مدى حرص القيادة على تطوير هذه املقدسات وتقديم أفضل الخدمات لقاصديها. إن كــل الـتـصـرفـات الصبيانية الـتـي تـقـوم بـهـا دولة قــطــر ومــــن يــحــذو حـــذوهـــا مـــن اإلخـــونـــج واملرتزقة، ال تزيدنا إال تصميما وعـزمـا على املـضـي قـدمـا في تذليل الـصـعـاب وتـطـويـع الجغرافيا وتـقـديـم أفضل وأرقـــى الـخـدمـات لحجاج بيت الـلـه الــحــرام، وسيظل وطننا الغالي يقدم الغالي والنفيس ألجل هذه الغاية الـعـظـيـمـة، ويكفينا فــخــرا أنــه فــي كــل مــوســم تضاف مـنـظـومـة جــديــدة مــن الــخــدمــات الــتــي تــجــد اإلشــــادة والثناء مـن املنصفني، ومــن يـقـدرون صنيع الرجال، وجـهـد الــدولــة الـتـي اخـتـارهـا الـلـه لخدمة بيته، وها هـو مـشـروع «طـريـق مـكـة» الــذي سعى لتسهيل كافة اإلجـــــراءات أمـــام الـحـجـاج الـقـادمـني مــن الـبـر والبحر والـــجـــو، بـحـيـث ال تـسـتـغـرق إجــــــراءات دخــولــهــم إلى األراضـــي السعودية ســوى دقـائـق مــعــدودة، فـي يسر وسهولة ونظام ودقــة عالية، مستقبلني باالبتسامة والبشاشة والــــورود، ومحفوفني باملحبة والتقدير، ومـحـاطـني بـالـكـرم والـعـنـايـة، حتى يـــؤدوا مناسكهم على الوجه الذي يرضي رب العزة والجال، ويعودوا إلـى ديـارهـم حاملني أطيب الـذكـرى، الهجني بالثناء والــدعــاء للمملكة حـكـومـة وشـعـبـا وأرضــــا، وهـــذا ما تناقلته كـل الــوكــاالت العاملية، وتبقى هــذه الشعيرة خالدة على مر الزمان ويبقى من نذر نفسه لخدمتها والقيام على توفير راحـة ضيوفها وأمنهم وأمانهم رمـــزًا خــالــدًا فــي قـلـوب كــل املـحـبـني واملـخـلـصـني، مكة واملدينة جوهرتان يسكن القلب فيهما. * كاتب سعودي