حلم حمد.. من الدوحة للرياض !
فــي 25 يونيو 2013 اضـطـر أمـيـر قطر الـسـابـق حمد بــن خليفة للقيام بـتـنـازل مــر عــن الـحـكـم لـصـالـح ابـنـه تميم بــن حـمـد، أمــا ظـــروف التخلي «كـرهـًا» فلها ظروفها التي سنتناولها الحقًا بعد أن نمر على الطريقة التي استخدمها للوصول إلمارة دولته، وكيف اختار أولياء عهده بعد ذلك قبل الوصول أخيرًا إلى تميم. مر حكم حمد بمنعطفات عديدة تعكس شخصيته وما تكتنزه من رغبات وطموحات تتجاوز األخــاق واملنطق واملعقول، لعل أهمها اغتياله عمه سحيم بن حمد منتصف الثمانينات - حسب روايـة ابن سحيم الشيخ سلطان - الـذي كان الرجل الثاني في قطر وشريكا ألخيه الشيخ خليفة بعد توليه مقاليد الحكم إثر قيامه بانقاب على ابن عمه في فبراير .1972 كان اغتيال الشيخ سحيم تمهيدا داميا لوصول حمد بن خليفة للحكم وإزاحة أي مصدر تهديد قد يعيق تلك النفس الشغوفة مهما كان الثمن، وهو ما حصل الحقا في العام 1995 فلم يعد حمد قادرًا على االنتظار أكثر من ذلك ليقود انقابا على والده ومصدرا أوامر بالقبض عليه عبر اإلنتربول الدولي. ضمن تكتيك حمد - املـؤقـت - وضــع أخــاه الشيخ عبدالله وليا للعهد ورئيسا ملجلس الـــوزراء، ولـم ينس مكافأة مهندس االنقابات حمد بن جاسم الـذي عينه بــدوره وزيرًا للخارجية. بقي عبدالله مجرد واجهة حتى أزاحه ووضع ابنه جاسم وليا للعهد، وحمد بن جاسم رئيسا ملجلس الـــوزراء، وكما يبدو لم يـرق األمــر للمتنفذين داخــل قصر الوجبة فتمت إزاحة جاسم واختيار تميم، على الرغم من أن تميم تورط في قضية كبيرة في العاصمة السويسرية جنيف كتبت عنها الصحافة الغربية، وكـان يتوقع لها أن تقف في طريق صعوده ملنصب بهذه األهمية األخاقية. اختيار تميم لوالية العهد جاء نتيجة لتورط حمد بن خليفة األب في محاولة اغتيال امللك عبدالله، والتآمر مع الزعيم الليبي معمر القذافي إلحداث فتنة داخل األراضي السعودية، وكنتيجة لتسويات في املنطقة أزيح حمد ليتولى اإلمارة الصغيرة ولي عهده. كــان يأمل حمد أن يكون التنازل مجرد استراحة بسيطة فـي طريقه نحو حكم العالم العربي كما كان يتوهم، كل ما فكر فيه هو أن ينحني للعاصفة السعودية ثم يعيد الكرة مرة أخرى، وهو ما حدث 2014 - .2017 كــانـت كــل حـسـابـات بــيـدر «الــخــريــف الــعــربــي» الــتـي رسمتها «قــطــر حـمــد» مــع اإلخوان املسلمني وإدارة أوباما واإليرانيني تقول إن تميم سيكون محافظا للدوحة، وحمد ملكا على «الجزيرة العربية». كــان املـخـطـط يمضي سـريـعـا ودامــيــا عـلـى األرض، فمصر فــي أيـــدي مـرسـي واإلخوان، والـبـحـريـن وســوريــة وليبيا والـيـمـن وتــونــس تـحـت احـتـالـهـم أو عـلـى وشــك السقوط، والـخـونـة والقطرجية فـي السعودية مـن حاملي الشنط ومتلقي الشقق وأمـــوال الغاز الحرام يعملون ليل نهار إلحداث السيولة املطلوبة. كـانـت البحرين والـيـمـن والـكـويـت والــعــراق هــي حصة إيــــران، وســوريــة وشــمــال العراق واألردن والــقــدس الـشـريـف حصة تـركـيـا، أمــا قطر فقد الرياض وأبوظبي وعمان والقاهرة وليبيا وتونس. مسكني حمد مـن يــراه فـي عـز نشوته 2013 ال يــراه الـيـوم مجرد خيال «حــاكــم». دعونا نستعرض ما خسره سياسيًا وإستراتيجيًا، رغم كل األموال التي بذلها لصالح املشروع، وهل نجح أم أخفق. في 15 مارس 2011 دخلت قوات درع الجزيرة بتوجيه سعودي للبحرين وقضت على انقاب إيراني قطري وشيك، وفي مصر دافعت الرياض عن ثورة 30 يونيو 2013 التي حصلت باملصادفة بعد تنازل حمد البنه تميم بأسبوع واحد فقط، وفي سورية لم تترك قطر وتركيا تعبثان بمقدرات الشعب السوري، وفي ليبيا كذلك. أما اليمن فكانت تنتظر املعركة الكبرى التي قادها امللك سلمان وولي عهده األمير محمد بن سلمان، حني تم القضاء على مشروع تحويلها إلى رافعة لهدم الدولة السعودية، حني تم تدمير كل مخازن الساح التي أنشئت على خط الحدود السعودية منذ سنوات طويلة بترتيب ليبي قـطـري حـوثـي إيــرانــي، والـتـي جـهـزت إلمـــداد عـشـرات اآلالف مـن املرتزقة والحوثيني الذين كان مخططا لهم القيام بغزو حـدودي قدر له أن يبتلع عشرات املدن والقرى الحدودية من نجران إلى جازان، وتصوير ذلك على أنها ثورة داخلية كما حصل في سيناريو ليبيا، وبالطبع كانت ستتولى ترويج «املخطط» محطة الجزيرة ومئات من القنوات والصحف واملواقع األجيرة. كـانـت تمنياتها تتمدد باتجاه