وملاذا صارت محرقة للوزراء ؟
ال أعـلـم عمن أطـلـق على وزارة الصحة هــذه الصفة الفادحة «محرقة الوزراء»، ولكنني سمعت من ينسب التسمية إلى الوزير الضخم الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، على أن واقع الوزارة يؤكد أنه يوجد فيها مــا يجعل أي وزيـــر يتقلد مهامها فــي مـرمـى النقد املوجع، مهما بلغ من نجاحات وإنجازات في مجال عمله السابق، وآخرهم الوزير املميز الدكتور توفيق الربيعة الذي نجح في وزارة التجارة واستطاع خال فـتـرة زمنية وجــيــزة إيــجــاد حــل لقضية املساهمات العقارية املتعثرة التي استمر تعثر بعضها وتجميد أموال املساهمني فيها عدة عقود لم يفلح خالها أي وزيــر قبله فـي حلها، فـجـاء الــوزيــر توفيق الربيعة بـالـحـل األنــجــع لــهــا، ولــكــن يــبــدو أنـــه عـنـدمـا اختير لوزارة الصحة وجد الخرق متسعًا على الراقع! وقــد تقلد وزارة الصحة على مــدى عقود أكبر عدد من الوزراء قياسًا بمن تقلدوا وزارات خدمية مماثلة في الفترة نفسها، ولكن كل وزيــر صحة يجد نفسه مـحـاطـًا بـمـشـكـات وتـعـقـيـدات ومـطـالـبـات وقضايا تجعله منخرطًا فيها حتى أذنـيـه، فـا يكون أمامه وقت لإلبداع والتخطيط املستقبلي السليم، حتى إذا ما أعفي وجيء بوزير جديد وجد نفسه وسط الرمال املتحركة نفسها يخوض عبابها ويناضل من أجل فعل شيء ملموس فا يجد صدى لجهوده فيفتح له باب الخروج.. وهكذا دواليك. وبما أن هذه الوزارة تقلد أمرها العديد من الكفاءات الـوطـنـيـة الــبــارزة الـــذي بــذل كــل واحـــد منهم جهده لتحسني أوضاعها فلم تـرق خدماتها إلـى املستوى املــأمــول حتى أصبحت محرقة ملـن يـتـوالهـا، فـا بد من التفكير في عوامل وأسباب أخرى تقف وراء عدم قــدرة وزارة الصحة ووزرائــهــا على تحقيق املأمول منهم، فما هـي هــذه الـعـوامـل واألســبــاب وهــل يمكن طـرحـهـا فــي نــقــاش جـــدي شــفــاف وهـــل هــي متصلة باألنظمة التي قامت وتقوم عليها وزارة الصحة أم بما تحت يديها من إمكانيات محدودة أم بمستوى اإلدارة في فروعها أم بنوعية األطـبـاء واألجـهـزة أم بكل ذلــك وبغيره مـن األسـبـاب والـعـوامـل التي تقف وراء عدم تحقيق أي من وزراء الصحة ملا هو مأمول من تطور ونجاح وهل ستجد هذه األسئلة وغيرها إجابات مقنعة؟