يا شيخ هل تقدر؟
حني يقال إن «كال يغنى على لياله». فهذا املثل يجري مجرى الهوى، فكل صدر له نية يظل يدندن بها حتى وإن لم يصرح بها، إال أنه يظل يطوف حول املعنى الذي يقصده. جــالــت هـــذه املــقــدمــة فـــي مـخـيـلـتـي وأنــــا أشاهد بـــرنـــامـــج «بـــاملـــخـــتـــصـــر» مــــع مـــعـــالـــي الدكتور عـــبـــدالـــلـــطـــيـــف آل الـــشـــيـــخ حــيــنــمــا تــــحــــدث عن الخطباء وخطبهم املبثوثة في مسامع املصلني، ألجــد نفسي أخـتـلـف مــع حـديـثـه بـعـض الشيء، خـصـوصـا أنـــه ال يـقـف بــالــدرجــة الــتــي تـمـنـع ما يحدث في املساجد من تلميحات تعطي السامع ما يجول في الواقع من تحديثات ال يرضى عنها الـبـعـض وتــكــون عـلـى طـريـقـة الــرســائــل املشفرة، وحني يتحدث الخطيب يقوم بعملية إسقاط على الواقع ثم يهيل كل ما يريد أن يتذمر منه بعملية اإلسقاط تلك.. وألنه في حالة اندماج ينشط في خطبة حماسية محفزة بطريقة ملتوية بحيث تحمل سخطا يثور املستمعني، كمن لم يقل شيئا عما نهى عنه وفــي نفس الـوقـت قـد استطاع أن يوغر الصدور. ولن تستطيع أي جهة لوم ذلك الخطيب كونه لم يظهر نقمته وإنما قدمها في وعاء مغاير يقبل املصلون االغتراف منه.. طبعا أنـا ال أنــادي بتوحيد الخطبة (وإن كانت بعض الــدول العربية لجأت ملثل هـذا النوع من التقنني) وأن تـكـون الخطبة مـوحـدة يـكـون لها أضــرار أكثر مما تترك على سجية الخطيب، أن تترك الخطبة على حالها يخدم أي فكرة تسعى لنماء وترسيخ التعددية، ألن في ذلك اجتثاث ما تم ردمنا به خالل 40 عاما. أعــتــقــد أنــنــا بــحــاجــة مــاســة لــخــطــبــاء يحملون خـطـابـا ديـنـيـا مـسـتـنـيـرا، ويـسـمـح بـتـعـدد اآلراء واالنـــفـــتـــاح عــلــى جـمـيـع املـــذاهـــب، وأن ال تكون الخطابات الوعظية في حالة أحادية، فنحن تم دفننا بالخطاب األحادي، وإذا ارتضت الجهات املـعـنـيـة بتلك األحــاديــة فــإن ارتــضــاهــا أوصلنا إلـى االرتـطـام بالجدار. إن في التعددية مساحة شاسعة من التسامح تحقق مقولة: - اختالف العلماء رحمة. ولن تستطيع وزارة بل وزارات بجميع أجهزتها مـــن كــبــت الــنــيــة أو الــتــصــريــح.. إن الــحــل لهذه املـعـضـلـة الــتــي أورثــتــنــا كـمـا مــهــوال مــن التشدد والـــرأي الـواحــد لـن تجد لها حـال إال بالتعددية ومــنــح الــخــطــاب املــســتــنــيــر أن يــســود مـــن خالل التعبئة الثقافية بخطاب ديني يعيش في الواقع وال يعيش في متون الكتب الصفراء.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250، موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة