احليلة األممية في مفاوضات جنيف

منذ أن تم اختيار مدينة جنيف لعقد املفاوضات حول مشكالت الدول وأزماتها، خاصة الدول العربية، لم تثمر املفاوضات سوى عن مزيد من التعقيد والتأزيم واستمرار املشكالت محفوفة بأدنى اآلمــال في إمكانية حلها. جنيف هي اختراع أممي، منظمة األمم املتحدة أرادت أن توحي للعالم بأن هذه املدينة الهادئة في دولة مساملة هي تعبير عــن تــفــاؤل املـنـظـمـة ونــوايــاهــا الـحـسـنـة بــأن يــكــون الــســالم هــو نهاية أي ملف يتم بحثه فيها، لكن النتائج كـانـت دائـمـا مـأسـاويـة إال في ما نـدر، والـنـادر ال حكم لـه. ابحثوا في كل امللفات التي وضعت على طاوالت جنيف لتتأكدوا أن خيبة الشعوب ومكاسب أطراف النزاع هي املحصلة، بدءًا بامللفات العتيقة التي عالها غبار الزمن وانتهاء بملف األزمـة اليمنية الـذي يـراد نقاشه في جنيف، وكل املؤشرات تؤكد إلى اآلن أنه لن يبحث، وإذا بحث فإنه سينتهي إلى طريق مسدود. إنها مهزلة كبيرة أن يصل وفد الشرعية إلى مقر املفاوضات وما زالت امليليشيا الحوثية املنقلبة على الشرعية تتمنع عن الوصول وتختلق أعذارًا يعرف املجتمع الدولي كذبها، وتعرف األمم املتحدة على وجه الـخـصـوص أنـهـا أعـــذار واهــيــة للدفع بــاألزمــة اليمنية إلــى مـزيـد من التعقيد. والحقيقة أن املهزلة األكبر هي في دخـول امليليشيا أساسا كـطـرف فـي املـفـاوضـات ألن ذلــك يناقض قـــرارات األمــم املتحدة بشأن األزمة اليمنية، وتحديدا القرار 2216 الذي لم ينفذ أي من بنوده. املنظمة األمـمـيـة تـعـرف أن الحوثيني فشلوا تماما فـي مصداقيتهم عندما أتيحت لهم أكثر مـن فرصة سابقة للمفاوضات مـن أجـل حل سياسي لألزمة اليمنية، وهي التي سهلت للحوثيني التمادي ليصل اليمن إلى حاله الراهن، وبالتالي ال نبالغ لو افترضنا أن إصرار األمم املتحدة على املضي في التعامل مع األزمة بهذا األسلوب ليس سوى حيلة جـديـدة لتعطيل مهمة التحالف فـي إنـقـاذ اليمن مـن ميليشيا إرهابية بدائية متخلفة، تهدده وتهدد جيرانه.