Okaz

شّرد بهم من خلفهم يا شيخ !

- هاني الظاهري * @Hani_DH gm@mem-sa.com * كاتب سعودي

اللقاء الــذي أجــراه الزميل ياسر العمرو أمـس األول في برنامجه املميز «بـاملـخـتـ­صـر» مــع مـعـالـي وزيـــر الــشــؤون اإلســالمـ­ـيــة والـــدعــ­ـوة واإلرشــــ­اد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ جاء في وقته تماما، إذ كشف بشكل جلي عن اإلستراتيج­ية الوطنية الحازمة التي ستتبعها الــوزارة في التعامل مع املخالفني ومروجي التطرف والكراهية من الدعاة والخطباء، في الوقت الذي يحاكم فيه عدد منهم على جرائم خطيرة متعلقة بأمن الدولة واستقرارها. والحق أن تجربة السعوديني مع الخطاب الدعوي املتطرف طوال العقود األربعة املاضية تؤكد أن أخطر ما يهدد وطنهم من الداخل هو التساهل مع مروجي التطرف والكراهية، واعتبار مخالفاتهم مجرد مخالفات إدارية، فيما هي واقعيا جرائم جنائية في منتهى الـخـطـورة مـن شأنها أن تـضـرب املجتمع وأمـنـه بشكل مـبـاشـر، بـل وغـالـبـا تنطلق من أجندة ثورية معادية مدعومة وممولة باملاليني من دول ومنظمات خارجية كما كشفت تحقيقات النيابة العامة مع بعض الدعاة املتهمني في قضية خلية التجسس املرتبطة بقطر. مشكلة املجتمع السعودي القديم أنه مجتمع متسامح جدًا ومن طبعه أن يحسن النوايا في كل من يتدثر بعباءة الدين، وهذا ما استغله دعاة التطرف في نشر الفكر اإلخواني املقبور املسمى «الصحوة»، ولكن األمر اختلف اليوم بعد أن استيقظ السعوديون على املؤامرة الكبرى التي كانت تحاك ضد وطنهم ووجودهم ومستقبلهم وقرروا أن يدفنوها إلى األبد. فضيلة الدكتور عبداللطيف آل الشيخ كان وما زال من الشخصيات األشهر التي وقفت بكل قوة وشجاعة منذ وقت مبكر جدا في وجه التطرف والتغلغل اإلخواني في املجتمع الدعوي، وقد ناله ما ناله من األذى والتشويه لضرب إصـراره لكنه لم يستسلم مطلقًا، والسعوديون يتذكرون جيدا تجربته املثيرة في رئاسة هيئة األمر باملعروف والنهي عن املنكر، واألحــداث الشهيرة املرتبطة بها، وكيف وصل األمر ببعض املتطرفني العاملني في ذلك الجهاز للتجسس عليه وإثارة الشغب أمام مكتبه وتشويه صورته، بل وتصوير بعضهم البعض وهم يحتفلون ويسجدون شكرا بعد خروجه من الهيئة، ولذلك فهو أخبر الناس بأساليب املتطرفني وحيلهم، وقــادر تماما على تفكيك كل ما بنوه طوال عقود في املجتمع الدعوي والوزارة التي يديرها اآلن. من هنا تبرز أهمية اللقاء الذي أشرت إليه في بداية املقال، ألن آل الشيخ كعادته تحدث فيه بكل صراحة عن اإلستراتيج­ية التي سيعمل بها والتي ترفع شعار «ال تسامح مع مروجي التطرف والكراهية»، وقد أكد ذلك بكشفه عن أن وزارة الشؤون اإلسالمية سوف تطلق في األيام القادمة الرقم 1933 لتمكني املواطن من االتصال بها وتقديم البالغات واملالحظات والشكاوى على املساجد والخطباء.. وأنها ستمارس الحزم في إيقاف أي متجاوز، «ألن التنبيه انتهى وقته»، ونحن بدورنا نقول لفضيلته: «شرد بهم من خلفهم يا شيخ.. وتأكد أن السعوديني كلهم معك».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia