وما زال الدجل الطبي مستمرا

ألمر مهم أود تذكيركم بقصة السياسي اليمني عبداملجيد الزنداني الـــذي درس الـصـيـدلـة واحــتــرف الــتــجــارة بــالــديــن والـسـيـاسـة وشارك بفاعلية في تخريب اليمن، عندما ادعى أنه اخترع عاجا ملرض اإليدز والسرطان بكل أنـواعـه في جامعته التي سماها جامعة اإليـمـان في صـنـعـاء، وقـــال بكل جـــرأة إن نتائج أبحاثها فــي هــذا املــجــال تفوقت على نتائج أهم مراكز األبحاث الطبية العاملية، حينها ترك كثير من مرضى السرطان عاجهم الطبي وشدوا الرحال إلى صنعاء لينتهي بهم األمر إلى الوفاة أو املضاعفات الخطيرة التي جعلت أدنى فرص الشفاء مستحيلة. الـحـيـلـة املــركــزيــة والــخــدعــة األســاســيــة فـيـمـا ادعــــاه الــزنــدانــي وكثير غيره من الدجالن هي استغال الجانب الديني لـدى بسطاء الناس وإيهامهم بخزعبات كارثية تدر املال على الدجالن، وتجلب املعاناة للمرضى، وتقضي على أمل شفائهم بطرق العاج الطبية الحديثة، وألنها تجارة سائبة لم تمنعها القوانن واألنظمة فقد راجت وتكاثر أصحابها وأصبحوا يروجون لها بشكل علني في بعض الفضائيات أو عبر قنواتهم الخاصة في مواقع التواصل االجتماعي الستقطاب املزيد من الضحايا، ومن أبرز الذين انضموا إلى نادي الدجل الطبي مؤخرًا املدعو «جودة محمد عواد» من مصر. األخ جـــودة بـحـسـب تـعـريـفـه لنفسه طـبـيـب «بــتــاع كــلــه» خــريــج كلية طب ومتخصص في الفسيولوجيا والباثولوجي واملناعة والتغذية العاجية واالستشفاء بكل ما تحتويه دكاكن العطارة. الدكتور جودة لديه قناة خاصة على يوتيوب ويقال إنه يقدم برنامجا طبيا في قناة تلفزيونية. بعض مقاطعه تؤكد كارثية ما يقوله خصوصا عن مرضى الفشل الكلوي الذين يخضعون للغسيل الدموي أو الذين تم زرع كلى لهم. ببساطة الدكتور جودة يحرضهم على ترك العاج املتعارف عليه طبيا ويـزعـم أن لديه وصـفـات عاجية تغني عنه. وصفاته مخجلة للعلم وإلنــجــازات الـطـب، وتـرقـى إلــى درجــة الجريمة املتعمدة بحق املرضى. قد يقال إنه لن يؤثر وسـوف يستمع إليه الناس ويمضون، لكن هذا غير صحيح فاملرضى من محدودي املعرفة والعلم والثقافة قد ينخدع بعضهم بما يقوله ويمضون إلى حتفهم بسببه. إنها إهانة للعلم والعقل اإلنساني الـذي يواصل البحث عن الجديد في عاج املرضى عندما يمارس مثل هذا الشخص دجله جهارا نهارا. ولذلك نأمل من اتحاد أطباء مصر واملسؤولن عن اإلعام فيها بوقف املهازل التي يقدمها الدكتور جودة؛ ألنها خطيرة، والدعوة عامة لكل من يهمهم األمر في أي دولة أخرى، ولدينا بالذات.