الرؤية ومدى جاهزية القطاع اخلاص
يخلط كثير من العاملني في القطاع الخاص بني رؤية اململكة والتحول الوطني، كما يخلطون بني املحاور األساسية للرؤية وبني أهدافها الرئيسية، بل ويتجاوزون ذلك إلى الخلط غير املـبـرر بـني بـرامـج الــرؤيــة نفسها وبــني مـبـادراتـهـا، والغريب أن مثل هــذا الخلط يـأتـي أحيانا مـن كـبـار رجــال األعــمــال أو مديري الشركات املساهمة أو رؤساء مجالس الغرف التجارية وغــيــرهــم، وألن معظم أهــــداف الــرؤيــة األســاســيــة 8( أهداف) ترتبط بالقطاع الخاص وتتقاطع مع كينونته وبالتالي مدى قــدرتــه على استيعاب وهـضـم هــذه األهــــداف، ومنها أهداف رئيسية مثل خصخصة الخدمات الحكومية، وتحرير سوق الــوقــود مــن الــدعــم، وزيـــادة اإليــــرادات غير النفطية مــن 163 مليارا إلى تريليون، وخفض معدل البطالة من %11.6 إلى 7%، وزيادة حصة املرأة في العمل من %22 إلى ،%30 وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من %16 إلى ،%50 وتعزيز املحتوى املــحــلــي، وزيــــــادة نــصــيــب الــشــركــات واملـــؤســـســـات الصغيرة واملـتـوسـطـة فــي الـنـاتـج املحلي مــن %20 إلــى ،%35 وتسهيل أساليب املشاركة التفاعلية وأساليب التفاعل بني املواطنني، وهــــذه كـلــهــا أهـــــداف يـعـتـمـد نــجــاحــهــا وتــنــفــيــذهــا بالدرجة األولــى على طبيعة وهيكلية ومـدى االعتمادية على القطاع الخاص والعوامل املؤسسية والحوافز التي تشكل مجمل هذه السمات ودوره في االقتصاد الكلي ومدى جاهزية الشركات واملــؤســســات مــن حـيـث اإلدارة والـحـوكـمـة وطـبـيـعـة الشراكة القائمة مع القطاع العام. فهل القطاع الخاص بسماته الحالية قادر حقيقة على تنفيذ هذه األهـداف املذكورة أعاله؟ هذا سؤال كبير تعتمد اإلجابة عليه على جملة من الدراسات، ولعل ما يهمنا أكثر في هذه املرحلة هو تعزيز جانب واحد هو درجة التنسيق والشراكة مـــع الـــــــــوزارات واملـــؤســـســـات الــحــكــومــيــة وصـــنـــع السياسات االقتصادية املشتركة التي تسهم في تحقيق هـذه املؤشرات والتي ال يمكن تحقيقها إال بدرجة عالية من التفاهم والتناغم املؤسسي يختلف عما هو عليه في السابق، وهذا ما يتطلب تغيير الــصــورة النمطية لـلـقـطـاع لـــدى بـعـض الـعـامـلـني في الــوزارات وأن العالقة ال تتجاوز دور اآلمـر واملأمور وإصدار األنظمة والتعليمات وكأنه قطاع تابع أو غير راشد في حني أن دوره إستراتيجي ومحوري في تحقيق أهداف ومؤشرات هذه الرؤية، وهو ما سوف أتعرض إليه في مقال قادم.