Okaz

عندما ينضح إناء طهران !

-

تـوقـفـت لـلـحـظـات وأنـــا أتــابــع أحــد األخبار املنتشرة في غالبية املواقع اإلخبارية سواء كانت محلية أو إقليمية أو عاملية، مسحت زجــــاج عــدســة نــظــارتـ­ـي ألتـــأكــ­ـد مـــن صــحــة الــخــبــ­ر، وأن مـا قـرأتـه كــان صحيحًا بالفعل، ألول وهلة ظننت أنها فبركة إعالمية فأخذت أعيد قراءة الخبر عدة مرات بني مصدق ومكذب، لقد كان الخبر الذي استوقفني هو قيام املتظاهرين العراقيني في البصرة بحرق مبنى القنصلية اإليــرانـ­ـيــة فـيـهـا، بـعـد تجمهر اآلالف منهم بـالـقـرب من مبنى القنصلية. لـقـد كـــان مــثــار تعجبي – أو ذهــولــي إن صــح التعبيرنقط­تني جوهريتني، األولـى منها هي تلك التصريحات اإليرانية الرسمية تعليقًا على الحادث، فهى تعليقات ال تنم إال عن قـدر كبير من التناقض والنفاق، كـان الخبر تـنـديـدا وتهكما شـديـديـن مــن الـحـكـومـ­ة اإليــرانـ­ـيــة على الحكومة العراقية، حيث تحمل األخيرة مسؤولية حماية البعثة اإليرانية وتذكرها باملواثيق الدولية تجاه حماية البعثات الدولية، توقفت للحظات متسائال: هل تفعل - أو فعلت - طهران املثل؟ هل تحملت مسؤولياتها تجاه الهجوم على السفارة السعودية هناك ملرات عديدة؟ هل قـامـت بالفعل بحماية ممثلي ســفــارات الـــدول األخرى؟ وهـــل حـافـظـت عـلـى مـمـتـلـكـ­ات الـبـعـثـا­ت األجـنـبـي­ـة على أراضيها؟ هذا بالطبع في حال التسليم بأن من أقدم على التعدي على السفارة السعودية متظاهرون وليسوا من جهاز الشاباك. لقد صرحت طـهـران بـأن هـذا الهجوم يتنافى مـع آداب الضيافة التي يجب أن تتحلى بها اإلدارة فـي بغداد، وذلــك بعد أن وصـفـت الحكومة اإليـرانـي­ـة هــذا الهجوم بــأنــه هــجــوم هــمــجــي، وهــنــا يــحــق لــنــا أن نــتــســا­ءل عن طبيعة ووصــف هجوم اإلدارة الخمينية على السفارة األمـريـكـ­يـة فــي طــهــران واحــتــجـ­ـاز أكـثـر مــن 50 أمريكيًا بداخلها ما بني ،1981-1979 إذن التعدي على سفارات الـدول األخـرى وتهديد العاملني فيها هو عادة إيرانية أصيلة خاصة بالجمهورية اإلسالمية اإليرانية اعتادت ممارستها على مدار تاريخها، إذًا فيم العجب والتنديد واالستنكار؟. أما األمر الثاني الذي أثار استغرابي أيضًا هو استنكار إيران واستغرابها ملا حدث بسفارتها، فبلد مثل العراق زجت السلطات اإليرانية أنفها فيه طوال وعرضًا وتدخلت في جميع شؤونه الداخلية بغاية الوقاحة والسفور، حتى أنها لم تتورع عالنية عن قصف معارضيها املقيمني على أراضيه بغاية االستخفاف بسيادته ووحدة أراضيه، ما الــذي توقعته غير ذلــك؟ مـا الــذي توقعته بعد أن باتت مصدرًا مباشرًا لفساده وتفشي الطائفية فيه والتمييز بــني مـواطـنـيـ­ه؟ فـمـا قــام بــه الـعـراقـي­ـون فــي الـبـصـرة، من مـحـاوالت لحرق القنصلية اإليرانية في البصرة، دونًا عـن غيرها مـن بقية قنصليات جميع دول الـعـالـم، هو إشارة واضحة يكاد ال يكون لبس فيها، بتوجيه أصابع االتهام تجاه هـذه الـدولـة، وهـي رسالة صريحة للنظام في طهران بأن يتوقف عن التدخل في العراق. لطاملا صرحت اململكة مرارًا وتكرارًا بأن النفوذ اإليراني القسري في املنطقة مرفوض تمامًا من جميع هذه الدول، ولطاملا سعت للفت االنتباه ملدى نفور الشعوب العربية من تدخالت نظام املاللي في شؤونها الداخلية، كما أنها لم تدخر وسعًا في توضيح مدى كذب ونفاق وازدواجية معايير السياسة الخمينية، وهو ما سعى النظام دومًا فـي طـهـران لنفيه وإخـفـائـه حتى نضح اإلنـــاء بما فيه، فانفجرت املظاهرات العارمة في شــوارع طهران تزامنًا مــع تـــردي أحــوالــه االقــتــص­ــاديــة، وأخــيــرًا -ولــيــس آخرًانشهد اآلن مهاجمة الــســفــ­ارات والقنصليات اإليرانية في جميع الـدول، العربية واألوروبية أيضًا، ويتم حرق العلم اإليراني وإنزاله كرمز لسقوط هذه الدولة املارقة الخارجة عن اإلجماع الدولي، فما يحدث اآلن هو دليل دامغ على مصداقية التصريحات السعودية. على ما يبدو أن الغضبة في الداخل اإليراني تتزامن مع النفور الخارجي الدولي واإلقليمي، غير أن تصريحات القادة اإليرانيني التي تنضح بالتعالي والتكبر والعناد تـعـكـس مـــدى انــخــراط أقــطــاب هـــذا الــنــظــ­ام املـتـهـال­ـك في عاملهم الخاص، وعدم وعيهم الكافي بما يجري حولهم، ونحن على ثقة من أن تكاتف الظروف على هذا النحو يــنــذر بـهـبـوب الــعــواص­ــف عـلـى نـحـو ال يشتهيه املاللي في إيران، والذي يعد استمرارهم في حكم بالدهم بهذه الطريقة، وتدخلهم في شؤون جيرانهم على هذا النحو، مؤشرًا لنهاية النظام وأن ذلك مسألة وقت فحسب، ال أقل وال أكثر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia