الوزير الذي ال يعي ما يتكلم ؟

إنه أحد مصائب العراق الجديد، بهذه العبارة وصف رجل عراقي مسن كنت أجلس بجانبه قبل ثالث سنوات وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وكنا نشاهد معا على إحــدى قـنـوات التلفزة مؤتمرا صحفيا مشتركا بينه وبن وزير خارجية إيران عندما كان الجعفري يقول نحن تربطنا باإلخوة فـي داعــش عـالقـات متينة وفـي تـواصـل معهم... إلـخ حتى قـام أحدهم ليهمس في أذنـه بأن ما تفوه به معاليه غير منطقي وعـاد الجعفري ليعتذر. ال أحد يعرف لحد اآلن من الذي اختار الجعفري ليكون وزيرًا لخارجية العراق والذي تناوب على هذه الحقيبة في تأريخه الحديث شخصيات عراقية وازنـــة تـركـت بصمات خـالـدة على سـاحـة العمل الدبلوماسي العربي والـدولـي وال أتـجـاوز عن أسماء عديدة لكني أذكــر في عجالة الدكتور فاضل الجمالي واحدًا من املوقعن على ميثاق تأسيس األمم املتحدة عام م1945 وعدنان الباججي وطارق عزيز وسعدون حمادي وكثير من الالمعن حتى تنتهي هذه الحقيبة إلى يد الجعفري الذي سـألـه صحفي مــرة كـيـف تـتـدبـر ســيــادة الــوزيــر أمـــورك فــي وزارة مثل الـخـارجـيـة الـتـي تتطلب مـجـامـالت كثيرة وأحـيـانـا أحــاديــث جانبية تصنع قــرارات وأنـت ال تتكلم اإلنجليزية؟ ليجيبه ليس هناك مشكلة فيسير خلفي دائما طاقم ترجمة. حتى أنـه أصبح لغزا ينتظر من يفك شفرته كيف لشخص تخرج في كلية الطب املعروفة في العراق خالل عقد السبعينات من القرن املاضي ال يتكلم اإلنجليزية؟ وكيف هذا الرجل أمضى عشرين عاما مقيما في بريطانيا وال ينطق بجملة مفيدة من لغة شكسبير؟ شـخـصـيـة غــريــبــة األطــــــوار أصــبــحــت مـــصـــدرا لــلــتــنــدر عــلــى أكــثــر من صعيد وزيــر بـال كـفـاءة وال لغة أجنبية وال قبول وال خبرة تناط به أهــم وزارة سيادية فـي دولــة تعاني مـن إشـكـاالت كثيرة فـي محيطها العربي والدولي ينتظر من وزيرها أن يعمل على تفكيك ألغام عديدة مــن طـريـقـهـا لـكـنـه فــي كــل يـــوم يـرتـكـب سـقـطـة مــن سـقـطـاتـه املضحكة واملبكية في آن معًا وربما هناك من يقول إن الـوزيـر يقصد كل شيء ألنه أصال وزير خارجية إيران وليس العراق وهذا قول فيه من الصحة الكثير خصوصا إذا مـا عرفنا أنــه قبل أسـابـيـع كــان فـي رحـلـة لبيت الـلـه الــحــرام ورأس اجتماع لجنة الـحـج اإليـرانـيـة ولـيـس العراقية ثم مواقفه األخرى إذ وقف يومًا في البرملان ليطالب بالوقوف إلى جانب العناصر اإليرانية املناوئة لحكومة البحرين وطلب من الحاضرين قراء ة الفاتحة على قتلى املعارضة البحرينية حقا هو في الواقع يعبر عن ارتهان القرار العراقي لحكم الولي الفقيه. أنا أجزم أنه حينما ذكر اآلية الكريمة من سورة النمل في مداخلته في اجتماع الجامعة العربية األخير كان يعنيها ألنه أراد أن يوجه رسالة والء إليران لعلها تضمن تجديدا لعهدته في الخارجية التي ال يحسن التعاطي مع أبسط بروتوكوالتها فمثال ذكـر وزيـر عراقي في حديث خــاص أن الجعفري ال يسافر أبــدا مـع رئيس الـــوزراء العبادي ألنــه ال يريد أن يجلس خلفه فـي املـؤتـمـرات.. شخص كـل خبرته السابقة في لندن التي كانت موطنا للجوئه مهنته الوحيدة فيها (حـمـلـدار) أي مسؤول عن قافلة حجاج سنويا قبل أن يتدخل طبيب عراقي متجنس في بريطانيا ليكتب له تقريرا طبيا بأنه مصاب بانفصام الشخصية ليضمن له مرتب اإلعـانـة االجتماعية املقرر في القوانن البريطانية لالجئن األجانب. إنها محنة العراق املستمرة في كل الجوانب وإال كيف يتصرف وزير خارجية عـراقـي إزاء اململكة العربية السعودية التي حمت بمواقفها ورؤيـة قادتها خطوط األمن القومي العربي من التداعي وسط ظروف عربية ودولية بالغة الصعوبة. ارتبط العراق واململكة العربية السعودية بوشائج األخوة واملحبة منذ قديم الزمان وال زالت اململكة وخادم الحرمن الشريفن امللك سلمان بن عبدالعزيز وولــي العهد األمـيـر محمد بـن سلمان ال تضيع أيـة فرصة تسنح لتعميق العالقات وتعزيز أواصر األخوة والروابط بن الشعبن الشقيقن حتى يجيء هذا الوزير العراقي لينسف كل جهود تحسينها. في كل مرة يظهر على التلفاز يجلب لنا في العراق أملا فمثال مرة تفتقت عبقريته بالقول علنا إن نهري دجلة والفرات ينبعان من إيران؟؟ عــذرا أهلنا فـي مملكة الـعـزم والــحــزم فــإن عالقتنا بكم حتى فـي أوج مراحل االختالف في املاضي كان الرسميون من كال الطرفن يحافظون على الود واالحترام وليس أدل من ذلك ما ذكره املرحوم وزير الخارجية السعودي الالمع األمير سعود الفيصل أنـه كـان قبل الغزو األمريكي للعراق وفي اجتماعات الجامعة العربية على تواصل دائم مع القادة العراقين ملحاولة تعطيل الغزو. إنها سخريات القدر أن يصل الرجل غير املناسب للمكان غير املناسب له وليس هذا غريبا في التاريخ فقد ترك الشخصية اليمنية والسياسي البارز الراحل الدكتور عبدالكريم األرياني قوال طريفا (ما كنت أظن أن يأتي يوم ألجلس فيه للتفاوض مع شخص مثل صالح الصماد الذي سماه الحوثي رئيسا للمجلس السياسي في اليمن بعد أن كان يبيع القات في شارع تعز بصنعاء).