اليوم الوطني.. الصورة املتكاملة
لم تعرف املنطقة العربية الـهـدوء منذ تـشـكـل الـــــدول الــعــربــيــة الــحــديــثــة، لكن الزلزال األكبر الذي واجه العالم العربي كان تصدع عدة دول عربية في العام ،2011 بعضها مــا زال يــئــن مــن الــنــزاعــات الــداخــلــيــة والتدخالت األجــنــبــيــة، كــســوريــة والــيــمــن ولــيــبــيــا، ودول في وضع أفضل مثل مصر وتونس، رغم ما لديها من تحديات اقتصادية وتراجع كبير في السياحة. وفـــي وســـط هـــذا الـــزلـــزال كــانــت املـمـلـكـة تـقـف بقوة ضد املخططات الغربية واإلقليمية على حد سواء، بدء ا من تدخل قوات درع الجزيرة إلحباط املخطط اإليــرانــي فــي الـبـحـريـن، مـــرورا بـدعـم إرادة الشعب املــصــري فــي 2013 بـالـتـصـدي ملـخـطـطـات جماعة اإلخــــوان اإلرهــابــيــة إلدخـــال مـصـر فــي نـفـق مظلم، واملدعومة من النظامني القطري والتركي. بل وشكلت تحالفا عربيا عسكريا للتصدي ملحاولة إيـــران السيطرة على الـيـمـن، عبر دعــم امليليشيات الحوثية ودفعها الحـتـالل العاصمة صنعاء قبل نـحـو 4 ســنــوات فــي 21 سبتمبر ،2014 وعملية عاصفة الحزم لها أهمية كبرى سياسيا وعسكريا، باإلضافة لداللة انطالقها في عهد الرئيس أوباما، والذي كانت إدارته قد أعطت الضوء األخضر إليران للتمدد فـي العالم الـعـربـي، بـل إن وزيــر خارجيته جــون كــيــري مــا زال يلتقي بــوزيــر خـارجـيـة إيران محمد جواد ظريف في سابقة دبلوماسية خطيرة. اململكة بثقلها السياسي واالقـتـصـادي كـدولـة من ضمن مجموعة العشرين، دعمت استقرار العراق ولبنان، والـحـرص على أن يكون الـقـرار السياسي أكثر استقاللية وفـي مصلحة أبناء البلد، وضمن ذلــك تـم إعـــادة فتح املعبر الــحــدودي وكـذلـك عودة الرحالت املدنية بني الرياض وبغداد. فــي زخـــم كــل هـــذه الــتــحــديــات اإلقــلــيــمــيــة، خاضت اململكة التحدي السنوي إلدارة الحج بكل نجاح، وأصبحت اململكة ترفع السقف فـي كـل مــرة سعيا لتحقيق مـسـتـويـات أفــضــل فــي الــعــام الــــذي يليه، ولعل طموح املسؤول يظهر من كلمة األمير خالد الفيصل أمـيـر منطقة مكة املـكـرمـة، حـني قــال -رغم النجاح الكبير ملوسم الحج- بأنه غير راض عن ما تحقق. وألن إدارة التحديات الخارجية تسير بالتوازي مع مسيرة اإلصالح، فقد تقدم ترتيب اململكة 5 مراكز، ضمن قائمة أفضل دول العالم في مؤشر مدركات الــفــســاد الـــذي تــصــدره منظمة الـشـفـافـيـة الدولية، وذلك وفق التقرير الذي أصدرته املنظمة عن مؤشر مدركات الفساد لسنة .2017 وبحسب برنامج األمم املتحدة اإلنمائي فقد احتلت اململكة املركز 39 من ضمن 189 دولـة على مؤشر التنمية الـبـشـريـة وذلـــك لـلـعـام ،2017 ويـقـيـم هذا التقرير مستويات الدول بناء على 3 عوامل رئيسية؛ وهي متوسط العمر املتوقع، واكتساب املعرفة وهو ما يقيم عدد سنوات الدراسة وسهولة توفر فرص التعلم، باإلضافة إلى مستوى املعيشة. ولعل هذا التقييم للمستوى اإلنمائي في اململكة، يأخذنا لبرنامج جــودة الـحـيـاة، والـــذي يستهدف تحسني نمط حـيـاة الــفــرد واألســـرة وبــنــاء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، وتهيئة البيئة الــالزمــة لــدعــم واســتــحــداث خــيــارات جــديــدة تعزز مــشــاركــة املـــواطـــن واملــقــيــم فـــي األنــشــطــة الثقافية والترفيهية والرياضية. وألننا قبل أيام من اليوم الوطني فلعلنا ننظر لكل هذه التحديات التي تجاوزها هذا الوطن العظيم بتوفيق مــن الـلـه سبحانه، ثــم بــــاإلرادة السياسية للسير في سبيل التصدي لكل التحديات السياسية والـعـسـكـريـة، بــالــتــوازي مــع كــل الـخـطـط التنموية واألحــــــالم الــتــي بــــدأت تــأخــذ شـكـلـهـا عــلــى الواقع فـي عــدة مـشـاريـع، ونفخر أيـضـا بكل شــاب وشابة كـان لهم دور كبير فـي هـذه املشاريع والتحديات، وأخص منهم جنودنا البواسل في الحد الجنوبي الــذي بـذلـوا الغالي والنفيس ليكونوا فـي معركة ونشعر نحن بالسلم.