حني تعصف الرياح بصغير.. من املدرسة إلى املقبرة
.. وكـأنـهـا تخلت عـن مسؤولياتها، ألـقـت وزارة التعليم بعضا مــن اختصاصاتها إلــى جهات عدة، لتتحمل معها فداحة الفجيعة التي خيمت على عائلة تلميذ سيهات، إذ بعثت ابنها إلى مـدرسـتـه بحافلة يـقـودهـا سـائـق غـافـل، مترقبة عودته سليما معافى في نهاية اليوم الدراسي.. فأتت الرياح بما ال تشتهي السفن، رياح عصفت بحياة الطفل ونقلته من الباص إلى املقبرة. بــيــان وزارة الـتـعـلـيـم املـــواســـي ألســــرة الصغير الـــراحـــل، الـــداعـــي لـــه بــالــرحــمــة، وزع مسؤولية الحادثة على أكثر من جهة، وحرص على التأكيد فـي أكـثـر مـن فـقـرة إلــى أن مهماتها فـي الحفاظ على سالمة طالبها تنحصر «داخــل» مدارسها مــــا يــلــمــح إلـــــى أن مــــا يـــجـــري «خــــارجــــهــــا» من اختصاصات جهات أخـرى، واملتتبع الحصيف لنظرية الــوزارة في شـأن الداخل والـخـارج ربما يصل إلــى قناعة – وفـقـا للبيان الصحفي – أن مــســؤولــيــة قـــائـــدي وقـــائـــدات املــــــدارس تــبــدأ في لـحـظـة عــبــور الــطــالب لــلــبــاب الــرئــيــســي، أمـــا ما يحدث في محيط املدرسة وخــارج أسـوارهـا فال شأن لها به ! الالفت في إفادات الوزارة هو إلقاؤها بالكرة هذه املــرة فـي ملعب األســر وتتحدث عـن «املسؤولية املناطة بأولياء األمور تجاه أبنائهم؛ وأن وصول الطالب أو الطالبة للمدرسة مسؤولية األسرة، واخــتــيــار الــوســائــل األكــثــر أمــنــًا لـنـقـل أبنائهم، ومــتــابــعــة شــؤونــهــم أثــنــاء تـنـقـالتـهـم مــن املنزل إلــى املــدرســة، وعــودتــهــم، والــتــعــاون مــع املدرسة في كل ما يرتبط بسالمة أبنائهم داخل املدرسة وخارجها». ويرى متابعون أن هذا املحور في بيان التعليم سـلـب لـجـنـة الـتـحـقـيـق فــي وفـــاة تلميذ سيهات حقها في الوصول إلى النتائج ومعرفة املتسبب فـي الـحـادثـة أو تحليل وفحص ودراســـة وقائع مماثلة حدثت في أكثر من مدينة، دفـع تالميذ حياتهم ثمنا لغفلة الـسـائـقـن وقـــادة املدارس. ويثور هنا سؤال: كيف لأسر أن تتابع أبناءها بعدما أودعوهم أمانة ملدرسة تتكفل بوصولهم ساملن إلى مدارسهم، غانمن إلى بيوتهم.. أم أن «العفش» داخل الباص على مسؤولية صاحبه؟!