ُدو - ِري - ِمي
قرأت قبل عدة أيام لقاء كانت قد أجرته صحيفة املدينة مع املوسيقار والفنان الكبير غـازي علي، ومثلما يعلم الــراســخــون فــي الــفــن، غــــازي عــلــي غــنــي عــن التعريف، فهو مــن أهــم الفنانن الـسـعـوديـن ومــن أكـثـرهـم ثقافة وأوسعهم علمًا باملوسيقى، وهو أول من درس املوسيقى أكــاديــمــيــًا فــي الــجــزيــرة الــعــربــيــة وأخــــذ الــفــن بالهواية والعلم والدراسة، وحصل على بكالوريوس في التأليف املوسيقي، واستطاع أن يضع يـده على مفاتيح التراث األصيل وقــدم لوطنه كفنان مبدع من األعـمـال أجملها وأرقاها. قال في حواره: «إن اإلعام لم ينصفه ولم ينصف الكثير من الفنانن». ودون شك كان للحراك الصحوي البائس الذي انتشر في املجتمع كما تنتشر النار في الهشيم دور وتأثير كبير فيما بعد على هدم الفنون وإبعاد الفنانن عن الساحة التي وقف (الصحونجية) كحائط سد حال بينهم وبن فنونهم وإبداعاتهم وطلبهم للعلم فيها. وقــد وجــه الـعـم غــازي رسـالـة خـاصـة إلــى وزارة الثقافة طالبًا منها االهتمام باملوسيقى ونشر الثقافة املوسيقية قائا: «أتمنى افتتاح معهد لتدريس الشباب السعودي املتعطش املوسيقى بأسس سليمة وبقواعدها العلمية». كما تطرق إلى معاناة الفنانن السعودين عند عزمهم تسجيل أعمالهم الغنائية واضطرارهم للسفر ألي دولة عــربــيــة لــعــدم وجــــود فـــرق مـوسـيـقـيـة ســعــوديــة جاهزة ومؤهلة لذلك. ومن جهتي أعيد إرسال ذات الرسالة إلى وزارة الثقافة وأتمنى بالفعل أن ترى النور قريبًا في بادنا الكليات واملعاهد املوسيقية املتخصصة والتي ليس لها حتى اآلن موقع من اإلعراب في مجتمعنا مع األسف! فـفـي ظــل وجـــود الـعـديـد مــن املــواهــب الـتـي هــي بحاجة للدعم والتعليم والصقل منذ البداية، ليس من املعقول أن (يركن) الفن ويترك ليعيش على هامش الحياة. أجزم أن لسان حال أي موسيقي سعودي يقول كم نحن بــحــاجــة فـــي حــيــاتــنــا الــفــنــيــة ملـتـعـلـمـن ومتخصصن يصقلون مواهبنا وينمونها، فــدون شك لو كـان لدينا مـعـاهـد مـوسـيـقـيـة قـبـل أن تـئـد الــصــحــوة املــزعــومــة كل جميل ومبهج فـي الحياة الختلفت الثقافة الفنية في مجتمعنا وألخرجنا من املبدعن واملحترفن املوسيقين ما نفاخر به األمم. ختامًا أقول للموسيقار غازي علي أطال الله في عمرك، نحن فخورون بك ومحبون لفنك، وكلنا شوق وانتظار لقراءة مذكراتك الفنية التي عزمت على كتابتها يا عم غــازي، وال تنس نسختي منها، ولـك مني بعدها وردة ومحبة و(شربة من زمزم).