Okaz

هل دخل مجلس حقوق اإلنسان مرحلة االحتضار؟!

- هاني الظاهري * @Hani_DH gm@mem-sa.com

يـبـدو أن مجلس حـقـوق اإلنــســا­ن الـتـابـع لـألمـم املـتـحـدة دخــل فعليًا في مرحلة العجز الكلي واالحتضار، فاستمرارًا ملسيرة 12 عامًا من الفشل املـتـكـرر، فشل املجلس الجمعة املاضية فـي اعتماد مـشـروع قــرار موحد بشأن األوضــاع في اليمن، وقــرر أن يخرج بقرار معاق ال فائدة منه، صـوت عليه عدد أقل من نصف األعضاء نتيجة إلصرار كل من هولندا وبلجيكا ولوكسمبورج وإيرلندا وكندا على تجاهل قرارات األمم املتحدة بشأن اليمن، واالستناد إلى تقرير الخبراء املقدم في الــدورة 39 للمجلس، وهـو تقرير مشوب بالعيوب واملالحظات ومرفوض من قبل الحكومة الشرعية اليمنية ودول تحالف دعـم الشرعية، ما يعني أن الـقـرار املعتمد ال يمكن أن يقدم أو يؤخر شيئًا على أرض الواقع، ويعني أيضًا أن ما يحدث في املجلس ليس ســوى حـفـالت نـفـاق سياسية ومضيعة للوقت والـجـهـد، واألســـوأ أنــه رقــص غير إنـسـانـي عـلـى مـعـانـاة الـشـعـب اليمني وحـقـوقـه الـشـرعـيـ­ة املختطفة مــن قـبـل العصابة الحوثية املدعومة من إيران. عندما أعلنت سفيرة الواليات املتحدة األمريكية لدى األمم املتحدة نيكي هايلي انسحاب بالدها من املجلس قبل 3 أشهر، واصفة إياه بأنه «مستنقع للتحيزات السياسية»، بدا واضـحـًا للجميع أن االنـسـحـا­بـات ستتوالى مـن قبل الـــدول األخـــرى الـتـي وصـلـت لذات القناعة األمريكية من كون هذا املجلس، املؤسس عام ،2006 ليس سوى منصة للنفاق السياسي واألنانية والبطوالت الكالمية والتزين بالشعارات الحقوقية أمــام عدسات املصورين ومراسلي وسائل اإلعالم، دون أن يكون لديه أي دافع صادق وحقيقي لتعزيز حقوق اإلنسان على أرض الواقع في أكثر البقع سخونة في العالم، وهو ما يؤكد وجاهة املوقف األمريكي، ونجاح إدارة الرئيس دونالد ترمب في القفز من السفينة املثقوبة قبل غرقها. البيان الغاضب الذي أصدرته دول تحالف دعم الشرعية في اليمن حيال قرار املجلس املعاق، يأتي بمثابة رش امللح على الجرح، إذ أشار إلى االنقسام الواضح في املجلس، والذي أدى لتمرير قرار لم يوافق عليه سوى أقل من نصف األعضاء، وأن ذلك حدث ألن قـرارا بهذا الحجم واألهمية لم يتأسس على موافقة الدولة املعنية ذاتها (اليمن)، ولم يحترم الحق السيادي لها في إبـداء موافقتها على التعاون مع الـقـرارات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أوضاع حقوق اإلنسان على أراضيها، وذلك على الرغم من الحرص والتعاون الذي أبداه وفد اليمن ووفود الدول املعنية للوصول إلى صيغة توافقية تعكس وحدة املجتمع الدولي تجاه الوضع في اليمن، وبما يضمن التعاون الكامل من الحكومة اليمنية الشرعية لتنفيذ ما يتضمنه القرار. ما ينبغي فهمه أن اعتماد مجلس حقوق اإلنسان قرارًا غير قابل للتنفيذ يعني أن املجلس ال يرغب في إيجاد حل من األساس للمشكلة، وإنما إطالة عمر األزمة لالقتيات عليها، وهــذا أمـر ال بد أن يدفع الــدول الصادقة والحريصة إلـى عـدم إضاعة جهدها ووقتها وإعالن انسحابها منه عاجال أو آجال، فالعبء الذي يشكله وجود مجلس صوري على أعضائه أثقل من عبء تفككه ووفاته، وهذا هو املتوقع كما أسلفت، والذي يذكرنا بمقولة هايلي لحظة انسحاب األمريكيني: «نحن نتخذ هذه الخطوة ألن التزامنا ال يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة، وتخدم مصالحها الخاصة وتحول حقوق اإلنسان إلى مادة للسخرية». * كاتب سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia